الأهرامات و الفلك

الأهرامات و الفلك
منذ 2000 عام قبل الميلاد (مدة تقريبية قد تقل و قد تزيد ) بنيت الأهرام التي تعد احد أعظم الصروح التاريخيه لحضاره وادي النيل و التي يعتد بها الآن في أحد عجائب الدنيا السبع لما تحوي من عظمه و دقه بنائيه بالنسه لذلك العصر, والذي زاد من تلك الدقه اهتمام المصريين القدماء بعلم الفلك والذين يعدون احد اول الحضارات التي اهتمت بهذا العلم وتطبيقه في الامور العلميه و التنجيميه.
ان معرفتنا بالدرسات الفلكيه الفرعونيه قليله جدا, حيث ان معظم المعلومات الفلكيه كانت مرسومه على الأضرحه و القبور, ولكن الاكتشاف الاهم ان الأهرامات تربطها بالسماء علاقه وثيقه حتى انها بنيت على اشكال سماويه مما يشير الى ان هندسة الاهرامات هندسه معقده و ذكيه.

الكون الفرعوني
ان مما دفع قدماء المصريين للاهتمام بالنجوم و الاجرام الكونيه هو ربطهم بعباداتهم حيث عبدوا الشمس و اطلقوا عليها اسم (رع) وقد تصوروها وهي محموله على قارب وتسبح في الفضاء الذي اطلقوا عليه اسم (شو) , وقد اعتقدوا ان الشمس عندما تغيب في الأفق الغربي ويحل الظلام تنزل الى العالم السفلي وأسموه (دات), ويأتي نائبه القمر واطلقوا عليه الاله (تحوت) ليحل محله.
وقد كانت الحضارات القديمه تقدس الانثى وانها المحتوى للخلق لذلك جعلوا منها آلهة للكون وتجلت هذه النظره عند قدماء المصريين حيث مثلوا الارض وهي على شكل رجل مستلقي على بطنه اسمه الاله(جب) وكل شي في الارض من احياء وجماد على ظهره, وتصوروا السماء امرأه منحنيه محيطه بالارض ترتكز على اطراف اصابع يديها وقدميها واطلقوا عليها الآلهه (تحوت) حيث يحملها إلاه الفضاء شو.
ادوات الرصد عند قدماء المصريين
ابتكر الفراعنه ادوات بسيطه للرصد الفلكي وتحديد مواقع الاجرام الفلكيه, وكانت اهم آله اعتمدوا وهي عباره عن اداتين تستخدم من قبل راصدين اثنين, فالأداة merkht عليها هي (المركت)
الأولى عبارة عن غصن بلح قصير وسميك من احد طرفيه حيث يوجد في الطرف السميك شق رفيع
اما الأداة الثانيه فهي عباره عن مسطره ذات شاقول وهو خيط رفيع مربوط في اسفله قطعه من الرصاص حتى يشد الخيط ليصبح عاموديا, و تحمل بشكل أفقي.

وطريقة استخدام المركت هو ان يقوم شخص بالجلوس بإتجاه الشمال و الآخر بإتجاه الجنوب بالنسبة للراصد, وتحدد الساعات عندما يجتاز النجم الخيط العامودي في المسطره الأفقيه بحيث تمر بالقلب او بالعين اليسرى او اليمنى او في اي جزء من جسم المشاهد فمثلا يقال ( النجم أري فوق العين اليسرى للمشاهد الساعه الثالثه). اما في النهار فقد استخدموا المزوله الشمسيه (قياس ظل عامود مثلا) لتحديد الوقت.

التقاويم الفرعونيه

كان قدماء المصريين اول الحضارات التي قسمت السنه الى (360) يوم , حيث قسموا السنة الشمسيه الى ثلاثة فصول كل فصل يتألف من أربعة شهور, وقد اطلقوا على الفصل الأول الفيضان او (قحط) والفصل الثاني هو (بيرث) او فصل الشتاء ويعني انزياح الماء من الاراضي , واطلقوا على الفصل الثالث الصيف أو (شمو) ويعني شح المياه , وكانو يطلقون على السنين التي تمر عليهم رموزا خاصه تدل على الحاكم في تلك السنين.وقد حسبوا أيضا ايام السنه الشمسيه عن طريق شروقين Canis Majorوهي ألمع نجم في كوكبة (الكلب الأكبر) Sirius متتاليين لنجم الشعرى اليمانيه
وكان سبب اهتمامهم بهذا النجم انه يرتبط بموعد فيضان نهر النيل حيث تتساقط الأمطار الموسمية على مرتفعات الحبشة فتتدفق السيول نحو النيل فيرتفع منسوب المياه فيحدث الفيضان السنوي , وقد توقف حدوث الفيضان في الوقت الحاضر بسبب بناء السد العالي جنوب مصر. لذلك لاحظ الفراعنه ان الفيضان يحدث عند شروق نجم الشعرى اليمانيه فاتخذوها ساعه كونيه واحد اهم الأسس في التقويم الفرعوني لتحديد موعد قرب حدوث الفيضان, والغريب ان نجم الشعرى اليمانيه يرتفع عن الأفق الشرقي درجه واحده فقط عند شروق الشمس خلال فترة الفيضان مما يجعل رصدها صعب بسبب الشمس مما يجعل رصدها صعبا وقد أثار ذلك استغراب العلماء في الوقت الحالي.
كما استخدم الفراعنه ايضا السنه القمريه وعرفوا الشهر القمري من خلال شروقين متتاليين للهلال و قسموا السنه القمريه الى اثنا عشر شهرا, وقد اعتمدوا على التقويم القمري ليحددوا موعد الطقوس و المناسبات الدينيه حيث في كل سنه قمريه ثلاثة عشر عيدا رسميا ودينيا.

الكواكب و المجموعات النجمية

اهتم الفراعنة بالنظر الى السماء و مراقبة النجوم ربما بسبب صفاء الجو معظم ايام السنه حيث رصدوا النجوم و المجموعات النجميه كالشعرى اليمانيه (لأهميته في تحديد وقت الفيضان) واطلقوا Big Dipperتسميات وتصورات خاصه بهم على المجموعات النجميه حيث تصورا (الدب الأكبر)
على شكل رجل ممدود الذراعينCygnus على شكل عربه يجرها حصان و شبهوا كوكبة الدجاجه
وغيرها من المجموعات النجميه. أيضا اهتموا بالنجوم و اطلقوا على النجوم المحيطه بنجم الشمال بالنجوم الخالده, ومن احد اسباب اهتمامهم بها هو ان بعضها يمثل الفردوس لأرواح ملوك الفراعنه.
واهتموا ايضا بالكواكب السياره الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح ابدا) بسبب حركتها المستمره بين النجوم وقد اطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) واطلقوا ايضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور), وقد اطلقوا ايضا على الزهره وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب. ولقد كانت أرصادهم دقيقه للغايه حيث يتجلى ذلك في تعامد اشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل بأسوان مرتين في السنه. التعامد الأول يحدث في يوم مولده وهو 22 فبراير و التعامد الثاني يحدث في 22 اكتوبر وهو يوم تتويجه للعرش .

لغز الأهرام وعلاقتها بالنجوم


ظن الناس منذ فتره ان الاهرامات هي فقط عباره عن مقابر لحفظ جثث الفراعنه وممتلكاتهم وقد تبين بعد ذلك انها صممت لأهداف اخرى واول من بدأ قصة الاكتشاف شاب بلجيكي هو روبرت بوفال سنة 1979 عندما قرأ كتاب عن الطقوس الدينيه لقبائل الديغون يدعى (لغز الشعرى اليمانيه)The Sirius Mystery
حيث درجوا على الاحتفال كل 50 سنه تقديسا لهذا النجم.
وتبين بالأرصاد الفلكيه ان لهذا النجم رفيق عباره عن قزم ابيض يدور حوله كل 50 سنه وتستحيل رؤيته بالعين ولم يشاهد الا بالمراصد الفلكية الكبيرة, و الغريب في الأمر انه كيف استطاعوا تحديد هذه المده بالذات , هل يعقل ان تكون صدفة .. لا أحد يعلم؟!!!
لذلك اهتم بوفال بالآثار القديمه وخصوصا الفرعونيه وتوقع انه يكتنفها العديد من الأسرار, وعند دراسته لأهرام الجيزه الضخمه (خوفو , خفرع , منكاورع) وجد انها عباره عن نقل لصورة نجوم النطاق او (حزام الجبار) وهي عباره عن ثلاثة نجوم مصطفه في السماء. وعند رصده لهذه النجوم وجد ان لمعان نجم (دلتا الجبار) يقل لمعانه عن النجمين الآخرين و ايضا ينحرف عن مستواهما وعندما اخذت صوره للأهرام من الجو وجد ان هرم منكاورع يقل حجما من الهرمين الآخرين اضافه لإنحرافه عن مستواهما وبذلك بدت الصوره مطابقه بشكل مذهل لنجوم حزام الجبار مما يدل على انهم نقلوا صورة النجوم الى الاهرامات, و يستدل على ان الموضوع ليس مصادفه من خلال ان الاهرامات الثلاثه تقع غرب نهر النيل و نجوم النطاق تقع غرب نهر المجره (الحزام المجري) وهي الحزمة الضبابيه التي تقطع السماء من الشمال الى الجنوب تماما.
ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل اكتشفوا ان الاهرام بنيت بهندسة غاية في الدقه حيث ان زاوية وموقع هذه الاهرامات نسبة الى نهر النيل تتناسق تماما مع زاوية نجوم النطاق نسبة الى نهر المجره مما يدل على ان نهر النيل هو انعكاس لنهر المجره. وقد حدث هذا التطابق قبل 10500 عام حيث كانت درب التبانه تشاهد وكأنها تقطع السماء من الشمال الى الجنوب مثل نهر النيل مما دفع الفراعنه لبناء اهرامات الجيزه بهذا الشكل.
ولقد اكتشف علماء الآثار فوهات في الأهرام تبتدأ من غرفة الملك وتنتهي بسطح الهرم, حيث وجدت فوهتين في غرفة الملك خوفو واثنتين ايضا في غرفة الملكه, احدى هاتين الفوهتين في غرفة خوفو تتجه جنوبا بإرتفاع 45 درجه تماما و الأخرى تتجه شمالا بإرتفاع 32 درجه و 28 دقيقه, اما فوهات الملكه فتتجه احداها جنوبا بإرتفاع 39 درجه و نصف والأخرى شمالا بارتفاع 39 درجه.
وقد ظن علماء الآثار ان هذه الفوهات هي عباره عن مسالك للتهويه و لكن ذلك لم يقنع عالم الآثار المصري ( ألكسندر بدوي ) اذ احس ان اهمية هذه الفوهات تحوم حول معتقدات شعائريه ودينيه حيث اكتشف الباحثون داخل هرم خوفو متونا تدل على ان الفرعون الذي يموت تصعد روحه عبرها حيث الخلود. لذلك عندما نظر بدوي خلال هذه الفوهات لم يرى نجوم ذات اهمية فإستعان بفلكية امريكيه تدعى (فرجينيا تمبل) التي درست تغير اماكن النجوم نتيجة ترنح الاعتدالين وهي حركه بطيئة تتغير فيه مواقع النجوم الظاهرية في السماء بدرجه واحده كل 70 سنه فوجدت ان زمن ميلاد الأهرامات اي قبل حوالي 2450 سنه كانت الفوهه الجنوبيه في غرفة الملك خوفو تتجه نحو حزام الجبار او بالأخص نجم (زيتا الجبار) والغريب بالأمر ان الهرم نفسه يطابق موقع هذا النجم, مما يدعم نظرية ان بناء الاهرامات تتطابق مع نجوم النطاق, و ايضا تتجه الفوهه الشماليه الى نجم الفا التنين (الثعبان) الذي كان النجم القطبي زمن الفراعنه وقد تغير موقعه بسبب الحركه الترنحيه للأرض.
وقد وجد الباحثون ان الفوهة الجنوبيه في غرفة الملكه تتجه نحو نجم (الشعرى اليمانيه ) , والفوهه الشماليه في غرفة الملكه فتتجه الى نجم بيتا الدب الأصغر(كوشاب) وهو ألمع الفرقدين.
وليس أهرام الجيزه فقط التي تصور السماء بل ايضا الأهرامات الأخرى كهرم ابو رواش الذي يقع شمال الجيزه يمثل نجم كابا الجبار وهرم زاوية العريان الذي يمثل نجم غاما الجباروهو ما يسمى عند العرب بــ( الناجذ) و الهرم الأحمر الذي يمثل نجم الدبران وايضا الهرم المنحني الذي بجانبه ويمثل نجم (ابسلون الثور) او مايسمى عند العرب بــ (القلائص).

بعض أسرار الأهرامات

عندما درس علماء الآثار الأهرام المصريه وجدوا فيها العديد من الأمور الغريبه و المدهشه في نفس الوقت وممكن تلخيصها في عدة نقاط وهي:
1) الجهات الأربع لهرم خوفو يتجه الى الجهات الرئيسيه الأربع بشكل غايه في الدقه تفوق دقة اتجاه بعض المراصد العالميه.
2) لو اخذت المسافه بين هرم خوفو ومدينة بيت لحم وقسمناها على الف سيكون الناتج 2138 وهو عدد السنين التي سبقت ميلاد النبي عيسى عليه اثناء بناء الأهرامات.
3) نسبة مجموع وزن حجارة الهرم الى كتلتها يماثل نسبة مجموع وزن الأرض الى كتلتها.
4) الظل الساقط من هرم خوفو يتحرك في كل يوم مقدار درجه واحده( بسبب انتقال موقع الشمس الظاهري في كل يوم مقدار درجة واحده), ولو حسبنا مقدار هذه الدرجات لوجدنا ان الظل يكمل 365 مره في السنه وهو عدد ايام السنه الشمسيه.
ان الناظر الى نتاج هذه الحضاره في الماضي يتساءل عن كيفية اكتشافهم واستخدامهم للحسابات الفلكيه وتطبيقها في البناء و العماره كما في الأهرامات وتطابقها مع بعض نجوم السماء و الأسرار التي اكتنفتها طوال هذه السنين ولم يتوقف الأمر الى هذا الحد بل أيضا برعوا في امور أخرى غير الفلك كتحنيط الموتى الذي حفظ أجساد الفراعنه بشكل مثير للدهشه حيث لايزال علماء الآثار يحاولون الاجابة عن هذه التساؤلات وسبرا سرار تلك الحضاره الى هذا اليوم

0 comments:

إرسال تعليق

أهم المواضيع