إشكالية تمصير الملوك ذوي الأصل الليبي خلال عصر الإنتقال الثالث بين الحقيقة التاريخية و الأيدولوجيا السياسية


 ( إشكالية تمصير الملوك ذوى الأصل الليبي خلال عصر الإنتقال الثالث بين الأويدولوجيا السياسية و الحقيقة التاريخية )
يتناول الدارس من خلال هذا المقال إشكالية تمصر الملوك الليبيين الذين تولوا مقاليد الحكم فى مصر خلال الأسرات ( 22 و 23 و 24 ) و فيما يعرف بعصر الإنتقال الثالث فى الأوساط الأكاديمية العلمية و لاريب أنها قضية فرضت نفسها و بقوة فى الآونة الأخيرة ، بعد ظهور مقالات و دراسات علمية جديدة تناولت الموضوع بعمق منهجى و علمى أكثر شمولا مما سبقها من دراسات و أبحاث قديمة . و لا يفوتنى فى هذا الصدد أن أهدى هذا المقال للزميل المحترم و الصديق المخلص الأستاذ أحمد سعيد الذى لا يتردد أبدا فى تقديم المساعدة لزملائه و زميلاته فى حقل الإرشاد السياحي
أصبح واضحا و من خلال الشواهد الأركيولوجية أن الليبيين مع نهاية الأسرة العشرين قد تغلغلوا فى الدلتا و حتى هيراكوليوبوليس ( إهناسيا ) بصورة كثيفة و دون رقابة فعلية ، بل و يمكن القول أنهم تواجدوا ، و لو بصورة أقل كثافة ، فى مصر العليا . و تجدر الإشارة إلى أن الملوك الرعامسة و لا سيما فى الأسرة عشرين قد إعتمد عليهم إعتمادا تاما فى الجيش و الإدارة الملكية ، فأصبح الجنود ذوى الأصل الليبى يشكلون نسبة كبيرة جدا من تكوين الجيش المصري ، و قد كان ملوك الرعامسة يقدمون هبات من الأرض كأجور لهم ، الأمر الذى أدى إلى نشأة جاليات عسكرية ليبية ، كانت القيادة فيها لهم دون سواهم . و من ناحية أخرى تمكنت عناصر من الماشواش ( و هى إحدى القبائل التى تمركزت من قبل فى غرب صحراء مصر الغربية بجوار جيرانهم من الليبيين و اندمجوا حضاريا و ثقافيا معهم ثم إتحدوا بهم أثناء زحفهم نحو مصر خلال الأسرة عشرين ) فى الوصول الى مناصب هامة فى البلاط الملكى و الى مراكز القيادة العليا فى الجيش .
و لا ينبغى هنا أن نغفل عن ذكر أمر هام و هو : أن الرعامسة قد أقاموا حصون عسكرية فى صحراء مصر الغربية لمنع تسلل عناصر من الليبيين و الماشواش الى وادى النيل ، و بالرغم من ذلك ، فقد تمكنوا من إختراق جميع التحصينات العسكرية ، فأخذ البعض منهم يشيع الإضطراب الأمنى و عدم الإستقرار بين أهالى و شعب مصر الأمر الذى تسبب فى أن يكونوا هم أحد العوامل التى دفعت بأفول دولة الرعامسة فى نهاية الأسرة عشرين و بداية عصر الإنتقال الثالث بدءا من الأسرة الحادية و العشرين ، و انتهى الأمر بوصولهم الى تولى مقاليد السلطة فى البلاد فأصبحوا حكاما على مصر خلال الأسرات ( 22 و 23 و 24 )
إعتقد عدد كبير من الباحثين أن الملوك ذوى الأصل الليبى قد تمصروا بشكل كامل ، و أنهم لم يتذكروا شيئا عن أصولهم الأولى ، بعد إندماجهم فى مجتمع مصر و إنصهارهم فى الحضارة المصرية ، مما أدى إلى تمصيرهم ( عبر فترة ليست وجيزة من الزمن ) دما و ثقافة و سلوكا . و هنا يميل الباحث الى طرح مجموعة من التساؤلات المشروعة تتصل كل منها بالآخر و بشكل رئيسي :
1 – ما وجه الإختلاف بين عصر الأسرات 22 و 23 و 24 و الأسرات السابقة ؟
2 – إلى أى مدى تمصر حقا ليبيو الألفية الأولى ؟
3 – هل لم يكن لهؤلاء الملوك ثقافة ( ليبية ) أصلية و حقيقية ، قبل إندماجهم بالحضارة المصرية ؟ و هل لم تظهر أى آثار أو نتائج تكشف عن ثقافتهم خلال فترة حكمهم ؟
4 – ما هى المعايير التى يرتكز عليها علماء المصريات فى توصيف شعب أجنبى أنه قد تمصر ؟
و ردا على التساؤل الأخير نجد أن هذه المعايير هى :
1 – إتخاذ الأجانب لأسماء مصرية
2 – التوجه إلى عبادات و معبودات مصرية
3 – إتخاذ عادات الدفن المصرية و ما يرتبط ذلك من بعض التصورات العقائدية الجنزية
4 – مضمون و محتوى المناظر على الآثار كلها و ما تكشفه من سمات فنية مصرية
5 – إستخدام الكتابة المصرية القديمة
و لا ريب أنه لم يستدل أثريا حتى الآن على قرائن تدل على وجود ثقافة ليبية أصلية و حقيقية ، و من ناحية أخرى ، نجد أن الحكام ذوى الأصل الليبى لم يذكرون بوصفهم أجانب سواء فى الوثائق و الآثار المصرية أو المؤرخ المصري مانيتون
ظهرت فى الآونة الأخيرة دراسات علمية جديدة لا تسلم بمضمون التمصر الكامل للملوك الليبيين ، فذلك الطرح تم إستخلاصه و بشكل أساسي لتصويرهم فى المناظر برداء مصري و هيئة مصرية ملكية كاملة . و فى واقع الأمر ، إعتادت الأيدولوجية الرسمية المصرية سياسيا و دينيا على إظهار جميع الملوك الذين حكموا مصر بسمات فنية مصرية على جميع المنشآت الرسمية للدولة بصرف النظر عن كونهم مصريين أم أجانب ثم تمصروا ، فتلك هى الصورة الوحيدة المقبولة شرعيا أمام آلهة مصر لإسباغ الشرعية على الملوك ، و لكن ذلك الأمر لا ينبغى أن ينخدع به دارس المصريات و إلا تصورنا أن الملوك البطالمة قد تمصروا فعليا و أصبحوا أتقياء و ورعين لمجرد تصويرهم على جدران المعابد المصرية برداء ملكى مصري أمام المعبودات المصرية !
توجد مجموعة من الحقائق تحول دون التسليم المطلق بالتمصير الكامل للملوك الليبيين للأسباب التالية :
1 – إن إنقسام البلاد إلى عدد من الأقاليم المستقلة هو الشكل المميز و اللافت للنظر لتلك الحقبة ، و لكن ما يهمنا على وجه الخصوص فى هذا الصدد هو عدم وجود أدبيات لذلك العصر تصفه بعصر الفوضى كما حدث فى عصري الإنتقال الأول و الثانى ، فتقسيم البلاد كان دائما من الأوضاع الغير مقبولة دينيا و سياسيا قبل عصر الإنتقال الثالث لكونه لا يتفق و الأيدولوجية الملكية المصرية ، و لكن ما حدث خلال عصر الإنتقال الثالث هو أن الأسر الملكية و مناطق السلطة المختلفة تعايشت سلميا و إعترفت ببعضها . فقد أصبحت و لأول مرة اللامركزية هو النموذج الأمثل المعبر عن نظام حكم مستقر و ظهرت لدينا ( ملكيات متعددة ) فى أقاليم مصر تعترف ببعضها البعض و هى سمة جوهرية فى بنيات و ثقافات المجتمعات ذات الطبيعة شبه بدوية التى تمكنت من فرض ذلك النظام على الأيدولوجية الملكية المصرية و لم يلقى معارضة جوهرية
2 – تبنى الحكم ذوى الأصل الليبي ظاهريا الأيدولوجية الملكية المصرية ، و لكن إذا ما خدشنا السطح الظاهرى ، فإن تركيبات السلطة غير المصرية تظهر أسفله بوضوح و يرجع ذلك إلى أن الطبقات الحاكمة نفسها لم تكن قد تمصرت كثيرا أو بشكل كامل و هذا ما يمكن لنا أن نلاحظه فيما يعرف بلوحات الهبات الملكية التى ظهرت خلال عصر الإنتقال الثالث ، فنجد فيها هؤلاء الحكام و هم يظهرون بوصفهم ( زعماء الماشواش ) و ليس ( ملك مصر العليا و السفلى ) صاحب العطاء أمام الآلهة ، كما ظهروا فى معظم الأحيان على تلك اللوحات برداء غير ملكى مصري . إن مثل ذلك الطرح يتضح لنا فى دعاء الملك ( أوسركون الثانى ) ، إذ يلتمس من المعبود( آمون ) مايلي : " أنت سوف تشكل نسلي ، النطفة التى تخرج من أعضائي ، حكاما كبارا لمصر و أمراء و كهانا أوائل لآمون رع ملك لآلهة ، و زعماء كبارا للماشواش ، و كهانا للإله حور سا إيسة "
3 – نلاحظ تأثيرا ليبيا غير مباشر فى إستخدام أنواع معينة من الكتابة و تطويرها فى عصر الإنتقال الثالث . فهناك خلط قوي بصورة لافتة للنظر فى مجالات الكتابة المختلفة للخطين التقليدين الهيروغليفية و الهيراطيقية ، إذ أن لوحات الهبات الملكية التى بدأ ظهورها بكثرة منذ ذلك العصر و لا سيما فى الدلتا ، قد نقشت بالهيراطيقية ، على الرغم من أن اللوحات الحجرية المنقوشة كانت تستعمل فى العادة الخط الهيروغليفي
4 – ظهور نظامين مختلفين للكتابة المائلة ، المعروف بإسم الهيراطيقي المائل أو الهيراطيقي الشاذ فى طيبة علاوة على بداية ظهور الخط الديموطيقى فى تلك الفترة و هو الخط الذي شق طريقه من مصر السفلى مما يعكس الوضع السياسي و الإداري و الثقافي و العرقي فى عصر الإنتقال الثالث
5 – ظهور مفردات و كتابات صوتية متعددة ، عوضا عن الكتابات الرسمية التقليدية العتادة فى النصوص الهيروغليفية و الهيراطيقية ، مما يشير إلى جوهر لغة ليبية فرعية ، فالصفوة الليبية حاولت أن تتعلم اللغة المصرية القديمة التى نشأت عليها بطريقة يسيرة و غير معقدة بالنسبة لهم
6 – وجود بعض المفردات و الكلمات الليبية من لغة ليبية فى الموروثات المصرية بدءا من عصر الإنتقال الثالث ، و يرى البعض أن هذه المفردات قليلة العدد و غير مؤثرة إلا أن ذلك قد يرجح إستنتاج لا يخلو من دلالة : أن لغة الليبيين ظلت تستخدم فى التواصل الشفهى فقط ، بينما إستخدمت الكتابة المصرية فى تصريحاتهم المكتوبة
7 – نلاحظ وجود تغييرات جذرية فى مجال دفن الموتى سواء فى النطاق الملكي أم فى المحيط الشخصي . فقد كانت الجبانة الملكية فى موقع مستقل و منفصل قبل عصر الإنتقال الثالث ، و لكن ظهر تطبيق عملي جديد بدءا من ذلك العصر تمثل فى مفهوم ( تشييد المقبرة فى فناء المعبد ) و هو ما ظهر بشكل واضح فى تانيس و منف ( مثل مقبرة ولى العهد شاشانق ) و فى طيبة أيضا ، و لاسيما فى معبدي الرامسيوم و مدينة هابو( مقابر الزوجات الإلهيات و مقبرة حور سا إيسة )
8 – الميل الواضح إلى تشييد مدفن الأسرة الملكية المتواضع حجما و شكلا ، بدلا من مفهوم الدفن الفردي الملكي باهظ التكاليف ، مما يعد إبتداعا جديدا فى مظاهر الدفن ، فقد أعدت فى بعض الأحيان منشآت جنزية قديمة بسرعة لأصحابها الجدد بشيء من عدم الإكتراث و من دون إجتهاد بشكل قوي لوضع أعمال و كتابات دينية و زخرفية جديدة و قوية مثلما كان يحدث سابقا و من المؤكد أن سبب كل ذلك لم يكمن فى نقص ثرواتهم - كما رأى فريق من الدارسين – و علينا هنا أن نتذكر فقط كنوز المقابر الملكية فى تانيس – و لا بسبب قصور فنى تقنى و لكنه يعكس موقف فكري آخر من قضية الموت ، و هو شيء من عدم الإكتراث تجاه الإستعدادات الباهظة فى الموروثات القديمة ، و تلك الثقافة تتناسب بلا شك مع عادات و تقاليد مجتمعات شبه بدوية مثل مجتمعات الليبيين
9 – إصرار بعض ملوك عصر الإنتقال الثالث على تشييد مدافن ملكية جماعية فى تانيس ، لم تقتصر على دفن الملك بمفرده و إنما جمعت دفنات الزوجات و أولياء العهود بل و بعض كبار رجال الجيش أحيانا مما يكشف عن عدم إيمانهم بفكرة الفصل الواضح و الإستقلال الكامل لمقبرة الملك عن المقابر الأخرى و هو ما لا يتفق و الأيدولوجية الملكية المصرية الرسمية المعتادة
10 – ظهور سمة جوهرية فى مجال الوظائف الإدارية لتلك الفترة و هى : الجمع بين وظائف مختلفة و متعددة و متناقضة تماما لبعض البعض فى أيدي شخصية واحدة و هو شكل إدارى و سياسي غير مألوف فى مصر و لم يحدث إلا فى حالات إستثنائية جدا قبل ذلك العصر . فقد أصبح توزيع الوظائف طبقا لتنوعها و ما تحتاجه لتدريب من نوع خاص يتطلبه الإختصاص الوطيفي ليس معيارا فارقا لكن الغلبة الشخصية فى إمتلاك وسائل السلطة ، أصبحت هى السمة السائدة ، و لاريب أن ذلك هو من صميم الأنظمة الفكرية و الإدارية للإقطاعيات الخاصة بمجتمعات شبه بدوية الذى لا يعتمد على التخصص الوظيفى و الكفاءة الإدارية بقدر إعتماده على السيطرة السياسية و الإحتكار السلطوي لمعظم المناصب
11 – على الرغم من وجود تمصير شكلي ظاهري لبعض الزعماء الليبيين و الماشواش فيظهرون أحيانا بالزى المصري ، إلا أن عددا كبيرا منهم ظل يصور نفسه بريشة الزعماء الليبية المعهودة فوق رأسه ، كما ظل معظم حكام تلك الفترة يستخدم أسماء شخصية ليست مصرية مثل ( شاشانق – أوسركون – تاكلوت )
12 – تصدي كهنة طيبة كجبهة سياسية وطنية وحيدة لهؤلاء الزعماء أحيانا و معارضتهم السياسية لهم فى بعض الفترات مما أدى إلى رد فعل قاسي من جانب ( أوسركون الثانى ) الذى قام بحرق بعض كهان آمون فى نهاية الأسرة 22 ، الذين رفضوا سيطرته على طيبة و منصب كبير كهنة آمون ، الأمر الذى يعكس عدم إقتناع كهنة آمون بالتمصير الشكلى لزعماء الماشواش و الحكام ذوى الأصل الليبى ، و قد يعترض البعض على ذلك بتصويرهم لذلك الصراع على أنه مجرد صراع سياسي بين قوتين ( قوة كهنة آمون و قوة زعماء الماشواش ) للوصول إلى مقاليد السلطة ، و لكن بمراجعة موقف كهنة آمون تجاه ملوك الكوشيين الذين حكموا مصر خلال الأسرة 25 – و هم من أصل نوبي – الذين تمصروا بشكل شبه كامل و عن يقين و إيمان بالعقيدة المصرية القديمة ، فلم يلقوا أى معارضة من جانب كهنة آمون بل النقيض من ذلك ، تمدنا وثائق تلك الفترة بمدى إستعانة كهنة آمون بهم ضد ( تاف نخت ) – من ملوك الأسرة 24 ذوى الأصل الليبي – و مدى ترحيبهم بالملوك المعروفين بالكوشيين
يتبين لنا مما تقدم أن مفهوم ( الإندماج الثقافى و الإنصهار الحضاري الكامل لملوك عصر الإنتقال الثالث من ذوى الأصل الليبي ) هو أمر يحتاج لإعادة نظر ، فعلى ضوء ما تقدم من الشواهد الأثرية ، لا يمكن التسليم بحقيقة التمصير الكامل . و ينبغى لنا أن نأخذ فى الإعتبار أن الملوك الليبيين و من خلال خصوصيتهم الثقافية ، قد أصبحوا فى أزمة تعارض و تصادم تجاه أنماط ثقافية مصرية تقليدية عند توليهم مقاليد السلطة ، وهى أزمة لم تواجه مطلقا ممن لم يجيئوا غزاة ، فقد دخلوا مصر كأسرى حرب منذ عصر الأسرة ( 20 ) ، و طالت فترة إقامتهم فى البلاد و احتلوا المناصب العالية حتى وصلوا للعرش ، فتخيروا من الوسائل و الأدوات السياسية و الدينية المناسبة لعرض أنفسهم كحكام للبلاد ، فحاولوا أن يوفقوا بين الأنماط الثقافية المصرية التقليدية الموروثة و بين خصوصيتهم الثقافية التى لم تختفى على الإطلاق حتى وصولهم للعرش ، فجاء تمصيرهم جزئيا تارة ، و شكليا تارة أخرى .

أقدم قائمة ألقاب ملكية فى الحضارة المصرية القديمة )

(  أقدم قائمة ألقاب ملكية فى الحضارة المصرية القديمة ) 
 ----------------------------------------------
هل تعلم أن  أقدم قائمة ألقاب ملكية فى الحضارة المصرية القديمة ترجع إلى عصر الأسرة  الأولى ؟ .... إكتشفت البعثة الألمانية فى أم الجعاب أقدم قائمتى ألقاب  ملكيتين و هما عبارة عن طبعتا ختم ، واحدة منهما إكتشفت فى مقبرة الملك (  دن ) و كانت تحمل أسماء أول خمس ملوك موثقين فى الحضارة المصرية و هم :  نعرمر آخر ملوك الأسرة صفر و حور عحا أول ملوك الأسرة الأولى ثم الملوك جر و  جت و دن و أم الملك دن التى كانت وصية عليه و هى مريت نيت أما طبعة الختم  الأخرى فقد تم إكتشافها فى مقبرة الملك قاعا - آخر ملوك الأسرة الأولى و  تميزت أنها سجلت جميع أسماء ملوك هذه الأسرة بداية من نعرمر و حتى قاعا مما  يعنى عدد من الحقائق الهامة :


1 - لم يمثل حجر بالرمو الذى يرجع لعصر الأسرة الخامسة أقدم قائمة ألقاب ملكية فى الحضارة المصرية القديمة

2 - إهتم المصري القديم بتدوين أسماء الملوك و منذ بدايات التاريخ المصري  لأسباب طقسية شعائرية ، فكانت أسمائهم تدل على وجود عبادة منتظمة لهم فى  جبانة أبيدوس و لا سيما فيما يعرف بالمعابد الجنزية التى تم إكتشافها هناك  بجوار مقابر الملوك

3 - إرتبطت أسماء الملوك على القائمتين بصورة  المعبودين حورس و خنتى امنتيو ، فكان الملك هو تجسيد لصورة حورس على الأرض  فى دنياه و تجسيد لخنتى إمنتيو ( أول الذين فى الغرب ) فى العالم الآخر و  قبل أن يسيطر المعبود أوزير على جبانة أبيدوس و يحتل مكان خنتي إمنتيو

4 - تجاهل المصري القديم أسماء ثلاث ملوك على الأقل ينتمون لعصر الأسرة  الأولى أثبتت لهم الآثار وجودهم فى مناطق أخرى من مصر مما يعكس إحتمالية  وجود صراع على العرش منذ تلك الفترة و ربما وجود ملوك مغتصبين للعرش

5  - لم تكن قامة ملوك ختمى أم الجعاب مادة لكتابة التاريخ و إنما هى أداة  لتثبيت أسماء الملوك الشرعيين و أحقيتهم لما يعرف بعبادة الأسلاف

6 -  هل كان نعرمر آخر ملوك الأسرة صفر كما يرى البعض ؟ أم هو أول ملوك الأسرة  الأولى كما يرى البعض الآخر ؟ ... إن وجود إسمه مع ملوك الأسرة الأولى فى  القائمة الثانية يرجح أنه ربما كان أول ملوك الأسرة الأولى و أن خطوة  التوحيد النهائية لمصر قد تمت على يديه

7 - لماذا إستهلت القائمتان  الملكيتان إسم الملك نعرمر كنقطة بداية ؟ و لم تذكر إسم الملك العقرب ؟ هل  لم تكن للعقرب عبادة جنزية فى أبيدوس ؟ أم أن العقرب لم يكن هو الملك  الفعلى الذى قام بتوحيد أرض مصر كلها ، فكان ذلك سببا لعد إتخاذه كنقطة  بداية فى القائمتين الملكيتين ؟

8 - ظهور إسم أول زوجة ملكية ( مريت  نيت ) على قائمة ألقاب ملكية و الإعتراف بأنها أم الملك دن مما يعنى أنها  لم تحكم البلاد كملك مصر العليا و السفلى مثلما كان يظن البعض و أنها هى  التى نقلت الدم الملكى و شرعية الحكم لإبنها الملك دن مما يعكس بشكل ضمنى  غير مباشر وجود صراع على العرش

9 - تعمد الكاتب أن لا يذكر إسم أول  ملوك الأسرة الثانية و هى سمة تكررت فى الكثير من القوائم الملكية التى  ترجع للعصر العتيق و لا سيما طبعات الأختام ، حيث كان الكاتب يكتفى دائما  بكتابة إسم آخر ملك من الأسرة الأولى أو آخر ملك من الأسرة الثانية كما حدث  فى طبعات أختام تعود للأسرة الثانية مما يعنى أن فكرة تقسيم الملوك إلى  أسرات قد عرفت فى الوثائق المصرية القديمة و لا سيما طبعات الأختام و لم  تكن من إبتكار مانيتون مثلما كان يعتقد عدد كبير من الدارسين و أن قائمة  الختم الثانية المكتشفة فى أم الجعاب ضمت جميع ملوك الأسرة الأولى مع بعضهم  فى خط واحد

10 - ما الذى جعل الكاتب المصري يضم ملوك الأسرة فى بوتقة  واحدة ؟ لماذا إنتهت الأسرة الأولى بالملك قاعا ؟ ذلك يعود لسبب أن آخر  ملوك الأسرة الأولى قد تم دفنه مع أسلافه فى جبانة أم الجعاب أما أول ملوك  الأسرة الثانية حوتب سخموى قد إختار سقارة لأول مرة كجبانة ملكية ، و علاوة  على ذلك فقد كشفت الدراسات الحديثة عن مقر العاصمة الملكية طوال الأسرة  الأولى فى ثنى - التى كانت جبانتها أبيدوس ثم إنتقلت مع بدايات الأسرة  الثانية إلى منف و لأول مرة . كما يرى البعض أن إسم الملك حوتب سخموى يعنى  هدأت أو رضيت القوتان ، قوة المعبود حورس و قوة المعبود ست مما يكشف عن  وجود صراع محتمل بين أنصار المعبودين فى أواخر عهد الأسرة الأولى فقام  الملك حوتب سخموى بسياسة إصلاح دينية و سياسية بينهما فكان ذلك سببا كافيا  لأن يعتبر المصري القديم عهده بداية لأسرة جديدة

11 - إعتمد كاتب  قائمة ملوك حجر بالرمو على طبعتى ختم أم الجعاب و ما شابهها من طبعات أختام  أخرى كانت متداولة حتى نهاية الأسرة الر ابعة مما جعل كتابة و تسجيل أسماء  الملوك على ذلك الحجر فى عصر الأسرة الخامسة أمرا يسيرا

12 - طبعتا  ختم أم الجعاب لا تدل فقط على عبادة الملوك الأسلاف الشرعيين و إنما تشير  أيضا إلى وجود فرقة إدارية كانت تشرف على الجبانة الملكية حتى تتأكد من عدم  سرقة أو إقتحام أى مقبرة ملكية

13 - إن تتابع أسماء الملوك على طبعتى  ختم أم الجعاب يدل على حرص المصري القديم فى إبراز فكرة أن كل ملك قد أقام  طقوس الجنازة و الدفن لسلفه المباشر مما يعنى أنه هو الذى تلاه على العرش  مباشرة فيضفى بذلك شرعية على حكمه

14 - تختلف قائمة طبعتى ختم أم  الجعاب فى وظيفتها عن حجر بالرمو ، فطبعتا الختم يمثلان تدوين أسماء الملوك  لأغراض عملية شعائرية طقسية و لإضفاء الشرعية أما حجر بالرمو فهو أول  تدوين لأعمال الملوك التاريخية و أهم إنجازاتهم و سنوات حكمهم مما يضفى  عليها طابع تاريخى أكثر من طبعتى ختم أم الجعاب

أهم المواضيع