الألعاب ووسائل التسلية في مصر القديمة

 

نحلة دوارة لطفل من مقبرة توت عنخ أمون
كانت النحلة الدوارة من ألعاب الأطفال المصريين المحببة في العصور القديمة فضلاً عن الحديثة .
وتعتبر هذه النحلة المخروطية الشكل المصنوعة من خشب مزخرف ، إحدى نماذج هذا النوع من ألعاب الأطفال ، التي عُثر عليها في قبر توت عنخ آمون . فإذا ما قذف بها إلى الأرض بحل الخيط من حولها لفت من حول نفسها بسرعة حتى تفقد قوة الدفع والحركة .
الأبعاد
الارتفاع ٤.٩ سم




لعبة على شكل أسد
صممت هذه اللعبة على شكل الأسد وهو قد صور على غير المعتاد مضطجعاً على بطنه كالإنسان وقد فرد ساقيه الخلفيتين على الأرض  
ونظراً لعدم وجود لبدة ، فإنه يبدو كشبل صغير أو لبؤة . ولقد ثقب الأسد ثقبين ، أحدهما على رأسه والآخر في موضع الذيل .
وكان يستخدم كلعبة ، حيث وجد مع تمثالان آخران لقرد وطائر في مقبرة الملك توت عنخ آمون .
الأبعاد
الارتفاع ١١ سم


لعبة على شكل قرد من مقبرة توت عنخ آمون
عُثر من عصر العمارنة على كثير من اللعب الخشبية ضمن خرائب البيوت والقصور تصور القردة وحدها أو في مركبات تجرها القردة
وفي ذلك يدل على ما حظي به هذا الحيوان من حب أطفال العمارنة من العائلة المالكة ، أي حب بنات إخناتون الست وربما ابنه توت عنخ آمون ، ذلك الذي صدرت إلى النور من مجموعته تلك اللعبة . وهي في شكل قرد صغير ذي ذراعين متحركين .
الأبعاد
الارتفاع ٩.٤ سم


لعبة على شكل جرادة
من بين ما عثر عليه من ألعاب الأطفال في مقابر الدولة الحديثة ، كانت هذه الجرادة من الخشب .
وهي قطعة فنية أصيلة ، إعتمدت على الرقابة الدقيقة لحركة أجنحة تلك الحشرة ، لصنع نموذج خشبي ، يتخذ لعبة متحركة .
الأبعاد
الطول ١٧.٢ سم 




لعبة على شكل طائر من مقبرة توت عنخ آمون
لعبة على هيئة طائر من خشب لعلها استعملت طائراً يطير عند قذفه في الهواء .
إذ ترى دلائل استعماله على جسد تمثال الطائر .
الأبعاد
الطول ١٢.٥ سم

( الملك مينا / مني .... حقيقة أم أسطورة ؟ )



(  الملك مينا / مني .... حقيقة أم أسطورة ؟ ) 
......... يحاول الدارس من  خلال هذا المقال أن يتناول القضية الشهيرة للملك مينا أو مني ، و هى  الإشكالية التى تناولها علماء المصريات الأوائل و من تولوا الراية بعدهم و  هى لا زالت حتى الآن مثار جدل لم ينتهى بين الباحثين و لا يفوتنى فى هذا  الصدد أن أهدى هذه الدراسة للأستاذ المحترم و الصديق العزيز ( ماجد حسيب )  نظرا لما يقوم به من مجهود علمى واضح لخدمة الجميع . تجدر الإشارة إلى أن  عدد كبير من الدارسين إتجه فى بادىء الأمر إلى إعتبار الملك مينا / مني  حقيقة تاريخية بناءا على مايلى :
 1 - ظهور إسم الملك ( مني ) فى قوائم الملوك التى ترجع لعصر الدولة الحديثة .
2 - ظهور المنطوق اللفظى ( مني ) على بعض آثار الأسرة الأولى .
3 -  ماورد فى مصادر المؤرخين فى العصر المتأخر و لاسيما ( هيرودوت ) الذى  تحدث عنه كأول ملك وحد الأرضين و قام بتأسيس العاصمة ( منف )
4 - نسب له البعض مقبرة فى ( نقادة ) و نسب له آخرون مقبرة فى ( سقارة )
و فى مرحلة لاحقة ظهر فريق من الباحثين و حاول أن يعتبر ( مني ) و ( نعرمر  ) و ( حور عحا ) ملك واحد ثم ظهر فريق آخر و تبنى رأيا مفاده أن ( مني )  هو ( نعرمر ) الذى أسس مدينة ( منف ) و أن ( حور عحا ) هو من تولى زمام  الأمور من بعده كإبن و وريث شرعى له ... و هنا ينبغى أن نشير إلى وجود عدد  من الحقائق الهامة التى كشفت عنها الدراسات و المقالات العلمية الحديثة  تمثلت فيما يلي :
1 - لا يمكن أن يكون ( نعرمر ) هو ( مني ) ، فإذا  كان ( مني ) هو مؤسس مدينة ( منف ) طبقا لما ورد عند ( هيرودوت ) ، فكيف  يختفي إسم ( نعرمر ) من جبانة سقارة ؟ فلا وجود لإسم نعرمر فى الجبانة  المنفية
2 - لا يوجد أثر واحد يجمع بين ( مني ) و ( نعرمر ) و ( حور  عحا ) ، الأمر الذى يعكس أن هناك شكا كبيرا فى إعتبار الثلاثة شخصا واحدا
3 - من الصعب أن نعتبر ( نعرمر ) هو ذاته ( حور عحا ) و ذلك لعدم وجود أى  أثر يجمع بين الملكين بالإضافة إلى وجود براهين أركيولوجية تؤكد أقدمية  الأول عن الثانى
...........  و لاريب أن الدراسة التى تقدم بها عالم  المصريات الألمانى ( helck ) قد حسمت كثيرا من الجدل الدائر حول هوية الملك  ( مينا ) فكانت أبرز النتائج العلمية التى تقدم بها  تتمثل فى تفنيد  القرائن التى تجعل من الملك ( مينا ) شخصا تاريخيا للأسباب التالية :
1 - إن العلامة التصويرية التى قرأها البعض ( مني ) هى قراءة خاطئة ، فهى لا تشير من قريب أو بعيد للمنطوق اللفظى ( مني )
2 - إن القائمة الملكية الوحيدة التى تعود لعصر الدولة القديمة ( حجر  بالرمو ) لا تذكر إسم ( مني ) كموحد للقطرين و كمؤسس للأسرة الأولى ، بل  تذكر ( حور عحا ) كمؤسس حقيقى لتلك الأسرة
3 - لا توجد أى مقبرة فعلية  لهذا الملك ، فمقبرة ( نقادة ) التى كانت تنسب له ، ثبت لدينا أنها مقبرة  للملكة ( نيت حوتب ) زوجة الملك ( نعرمر ) ، كما أن مقبرة ( سقارة ) التى  كانت تنسب له أيضا بإعتباره ( حور عحا ) ، تأكد لدينا أنها مقبرة أحد كبار  رجال الدولة الذين عاشوا فى عصر الملك ( حور عحا )
4 - إن المنطوق  اللفظى ( مني ) لم يظهر قبل عصر الدولة الحديثة على قوائم الملوك ، فهو  الإسم الذى أوجده كهنة مصر آنذاك لتحديد نقطة بداية للملكية المصرية و  تعيين هوية أول من حكم مصر و لا سيما و أن الوثائق الخاصة بالفترة التى  توحدت فيها البلاد لم تكن واضحة و قاطعة فى هذا الصدد و لاشك أن عدم إكتمال  مقومات الكتابة المصرية القديمة فى ذلك الوقت جعل الحدث نفسه ( توحيد مصر )  يقع فى ضباب النسيان ، فاختاروا إسم ( مني ) بمعنى ( الدائم / الخالد /  المثبت ) فكان ذلك لقبا أكثر منه إسما
5 - لم تكن هناك عبادة للملك (  مني ) على الإطلاق قبل عصر الدولة الحديثة فلو كان هو الموحد الفعلى  للقطرين فكيف تجاهله المصريون حتى نهاية عصر الإنتقال الثانى ؟
6 - لا  يجوز أن نعتبر ( وحدة مصر السياسية ) حدث قام به ملك واحد ، فقد أظهرت  الدراسات الحديثة أن بدايات الوحدة المصرية تمت على خمس مراحل تدريجية خلال  مايعرف ب ( الأسرة صفر ) ، و أن آخر ملوكها ( نعرمر ) أتم و أكمل جهود  أسلافه من الملوك و لايصح أن ننظر إلى صلاية الملك ( نعرمر ) على أنها تسجل  حدث قيام الوحدة بعدما تبين لنا أن ( وحدة مصر ) ربما قد إكتملت قبل عصره و  أن تفسير مناظر الصلاية حاليا ينحو منحى ( دينى سياسى دعائى ) أكثر منه (  تاريخى )
7 - كشفت البعثة الألمانية عن طبعتى ختم فى أم الجعاب و نقش  عليهما أسماء ملوك الأسرة الأولى ( و هى أقدم قائمة ملوك فى الحضارة  المصرية ) ، حيث بدأت القائمة بالملك ( نعرمر ) آخر ملوك الأسرة صفر ، و  كان الإسم الذى يليه مباشرة ( حور عحا ) أول ملوك الأسرة الأولى دون أى ذكر  لإسم ( مني ) مما يعكس أنه لا وجود لملك حكم مصر بإسمه فى تلك الفترة و أن  ( نعرمر ) و ( حور عحا ) ملكين مختلفين .
8 - كشفت الحفائر عن وجود مدينة ( منف ) منذ نهاية عصر نقادة الثانية على اقل تقدير ( حوالى عام 3300 ق.م ) أى قبل عصر الأسرة ( صفر ) بمائة سنة تقريبا مما يعكس أنها كانت موجودة على مسرح الأحداث قبل أن تتوحد البلاد بفترة طويلة و أن نشأتها لم ترتبط بملك أوجدها كما أشارت المصادر المصرية فى العصر المتأخر

ثقافة مصر السياسية و الدينية خلال عصر نقادة الثانية


ثقافة مصر السياسية و الدينية خلال عصر نقادة الثانية
............................................................
 تعتبر  حضارة مصر فى عصر نقادة الثانية واحدة من أهم المراحل الحضارية فى عصور ما  قبل الأسرات فى مصر ، فهى تمثل المرحلة الحضارية الثانية لتلك العصور  فتبدأ من 3600   ق . م و حتى 3200 ق . م تقريبا  . و إتفق علماء ما قبل  التاريخ فى مصر على تقسيم حضارة ذلك العصر الى أربع فترات متعاقبة و هى  نقادة أ و نقادة ب و نقادة ج و نقادة د . و تميز ذلك العصر بوجود مراكز  دينية و سياسية كبرى فى الشمال و الجنوب إعتبرها البعض أقاليم مصر فى عصر  نقادة الثانية أو ممالك صغرى على أقل تقدير ، فترأس كل إقليم أو مملكة صغرى  زعيم سياسي و روحى أشرف على جميع الأمور التجارية و الدينية فى مملكته فى  ذلك العصر . و كانت أشهر مراكز ذلك العصر هى : عين شمس و بوتو و المعادي و  سايس و نقادة و نخن و أبيدوس و العضايمة و الهو و الجبلين و أرمنت و  إلفنتين و غيرها من المراكز الأخرى
إن التساؤلات التى تحاول هذه الدراسة الموجزة أن تجيب عليها هى :
1 ما هو الوضع الحضارى لمصر فى عصر نقادة الثانية ؟
2 هل تميزت المراكز الشمالية و الجنوبية بوجود وحدة ثقافية أم كان كل مركز متميز و مستقل حضاريا و ثقافيا عن الآخر ؟
3 هل كانت حضارة نقادة الثانية مرحلة ممهدة لوحدة مصر السياسية ؟
إستهلت مصر عهدا جديدا فى عصر نقادة الثانية ، فتفاعل المصري القديم مع  بيئته بشكل أفضل مما سبق من العصور السالفة و لا سيما بعد أن تمكن من فهم و  إستيعاب إمكانيات بيئته التى طال إستقراره فيها ، فقام بإستغلالها على نحو  أفضل ، الأمر الذي تكشف عنه المنشآت المدنية فى ذلك العصر و لا سيما  المساكن ، فتميزت بما يلي 1 – إزدادت القرى و المدن السكنية و تطورت خلال  عصر نقادة الثانية حيث ظهر تطور ملحوظ فى طراز المساكن و ملحقاتها و مواد  بنائها
2 تطورت مدينة نخن فى ذلك العصر و ظهرت بها المساكن  المستطيلة التى شيدت جدرانها على أساسات حجرية ، و هى واحدة من أقدم  المحاولات فى مصر لإستخدام الحجر كمادة بناء فى مساكن تلك الفترة
3   أمدتنا زخارف و رسومات فخار نقادة الثانية ببعض المعلومات عن أشكال المساكن  و مواد بنائها ، و ذلك من خلال ما رسموه من كبائن المراكب على أوانى  الفخار ، التى شابهت فى هيئتها و أسلوب تشييدها أكواخ السكن و هياكل  المعبودات
4 أهم ما يمكن إستنباطه من تلك الكبائن المرسومة هو  المواد المستخدمة فى البناء فى ذلك العصر و هى أفرع الأشجار و أغصان و فروع  النخيل و النباتات المجدولة فى ألياف ، علاوة على طرز الأسقف المختلفة و  منها السقف المسطح و السقف المقبي و السقف على شكل نصف قبة . ألم تكن هذه  المواد البنائية و الأشكال السكنية هى ذات المواد المستخدمة و الهيئات  العروفة للمساكن فى عصر الأسرات المبكر فى مصر ؟
5 أفضل نماذج لشكل  المساكن خلال تلك الفترة هو ما تعرفنا عليه من خلال نموذج بيت لأحد الزعماء  ، كشف عنه فى أحد مقابر المحاسنة ، مصنوع من الطمى المحروق ، ظهر فيه شكل  المسكن على هيئة مستطيلة ذو زوايا مربعة و جدران مائلة للداخل ، فضلا عن  وجود قاعدة أضخم و أكبر مقارنة بالقمة ، مما يعنى زيادة سمك المداميك  السفلية عن المداميك العلوية ، و لا نستبعد وجود مثل هذا الشكل السكنى  الهام فى بعض المراكز الأخرى ، الأمر الذي يقودنا إلى حقيقة هامة و هى :  وجود معرفة تهيدية بقواعد و مبادىء الهندسة البنائية فى مصر خلال عصر نقادة  الثانية
أما عن عادات الدفن و مقابر ذلك العصر نجد مجموعة من المعطيات الهامة تمثلت فيما يلي :
1 تنوعت أساليب بناء المقابر ، كما تنوعت أساليب بناء المنازل ، ففي  الوقت الذي إستمرت فيه المقابر البسيطة البيضاوية و المستطيلة زاد عليها  المقابر الدائرية و إتخذت المقابر الأشكال المستطيلة عندما كانت تسوى  جدرانها و تحدد جوانبها ، كما إنخفضت أرضية الحيز الذى تم وضع الجثة عليها
2 حفرت كوات صغيرة فى أحد جوانب المقبرة لوضع الأوانى فيها كما تم وضع  الأوانى و القرابين فى الجزء الأعلى للمقبرة فى حالات أخرى ، فظهر هذا  الجزء كأنه رف عريض ، و هى واحدة من المحاولات الأولى لفصل الأثاث الجنزى  عن مكان الدفن
3 كسيت جدران المقبرة من الداخل بطمى سميك و فى بعض  الأحيان بالطمى ثم البوص و الحصير ، فضلا عن وجود حالات ظهر فيها تكسية  بألواح خشبية مما يكشف عن أولى المحاولات لعمل توابيت خشبية تحيط بالمتوفى  من جميع الجهات
4 فى نهايات عصر نقادة الثانية ظهرت محاولات لتحديد  جوانب المقبرة بالطوب اللبن من الداخل مما أفضى إلى تحويل الحفرة ذاتها إلى  حجرة كاملة تم تسقيفها بعد ذلك
5 و فى نهايات ذلك العصر أيضا ،  ترجع المقبرة الشهيرة ، رقم 100 ، فى نخن التى تعرف بمقبرة الزعيم ، حيث  ظهرت فكرة الرسومات الجدارية للمقابر لأول مرة فيها ، فربما كان أحد  الزعماء المحليين لمدينة نخن ، و يمكن إعتباره الجد الأكبر لزعماء العصر  الذي يليه و هو عصر نقادة الثالثة – الأسرة صفر ، الذين خرجوا من منطقة نخن  لتوحيد مصر خلال تلك الفترة ( 3200 ق . م و حتى 3000 ق . م تقريبا ) ،  فظهر ضمن نقوشها و لأول مرة منظر قمع الأعداء بواسطة الزعيم ، فضلا عن أقدم  مناظر معروفة لإحتفال الحب السد ، حيث تم تصوير الزعيم داخل جوسق مرتديا  رداء حابك
إن أهم المعطيات الحضارية لعصر نقادة الثانية هو رسومات و زخارف الفخار التى كشفت عن مجموعة من النتائج الهامة هى :
1 صورت المراكب ذات المجاديف و الكبائن على نطاق واسع ، فشكلت بعض  مقدماتها و مؤخراتها هيئات حيوانية ، مما يدل على وجود معبودات ذات رموز و  أشكال حيوانية كانت تجرى لها شعائر تقديس فى ذلك العصر ، مما يؤكد وجود  هياكل و مقاصير صغرى فى تلك الفترة منتشرة بين الشمال و الجنوب
2   تعتبر صور المراكب هى القاسم المشترك فى معظم زخارف الفخار خلال هذه  المرحلة . و يعكس ذلك بدوره على مدى ما تشير إليه تقدم صناعة المركب فى ذلك  العصر
3 تدل هذه المراكب من خلال رسوم الفخار على إستخدام النيل  منذ ذلك العصر كأهم طريق للنقل و المواصلات من الشمال الى الجنوب أو العكس  مما يؤكد وجود تبادل المنتجات التجارية و الأفكار الدينية و الثقافية بين  مراكز الشمال و مراكز الجنوب الأمر الذي ساعد على وجود تفاعل ثقافى هام بين  هذه المراكز ، فكان ذلك التبادل خطوة أولى نحو خلق وحدة ثقافية تمهيدية فى  عصر نقادة الثانية
يتبين لنا مما تقدم أن البوتقة الثقافية و  الحضارية لمصر خلال عصر نقادة الثانية هو أمر غير مستبعد من خلال تناول  الشواهد الأثرية السابقة ، إلا أن ذلك لا يعنى على الإطلاق أن هذه المراكز  السياسية الكبرى لم تتميز بوجود خصوصية ثقافية مستقلة فى كل منها ، فوحدة  البلاد الثقافية لم تلغى التمايز و الإستقلال الحضاري لمراكز الجنوب و  الشمال فى عصر نقادة الثانية ، فكانت هناك سمات مشتركة تجمع بينهم و سمات  مميزة و مختلفة تميز كلا منهم عن الأخرى
و مما لا ريب فيه أن ذلك  التفاعل الثقافي كان خطوة أولى نحو تفاعل أكبر و أعمق فى العصر الذي تلاه و  هو عصر نقادة الثالثة – الأسرة صفر مما يؤكد حقيقة هامة و هى : وجود وحدة  ثقافية فى مصر ساعدت على إتمام الوحدة السياسية كنتيجة طبيعية للمعطيات  السابقة
و بذلك يمكن القول أن عصر نقادة الثانية هو عصر شهدت فيه البلاد تقدما سياسيا واضحا من خلال مفهوم الزعامة و السيادة على الإقليم أو المركز ، فظهرت الرسوم و الزخارف التى تروج سياسيا و دينيا لمفهوم الملكية الناشئة و التى برزت إرهاصاتها الأولى من خلال ذلك العصر إلى أن تبلورت فى عصر نقادة الثالثة – الأسرة صفر ، فجاءت على شكل ناضج و قوي

نبذة عن اصول العثمانيين و تاريخهم



نبذة عن اصول العثمانيين و تاريخهم

ينسب العثمانيون إلى عثمان خان بن ارطغول بن سليمان شاه بن قيا ألب الذى بفضله تكونت الدولة العثمانية ، وينتمي العثمانيون إلى عشيرة قابي إحدي قبائل الغز التى اضطرت إلى الهجرة عندما أغار جنكيز خان سنة 624 هـ / 1226 م على بلاد أسيا الصغرى فاضطر سليمان شاه إلى التراجع إلى شمالي غربي أرمينية ، وعندما هاجم السلاجقة خراسان وخوارزم عاد سليمان شاه إلى أسيا الصغري حيث توفي سنة 629 هـ / 1231م واستطاع ابنه ارطغول أن يلتحق بخدمة السلطان علاء الدين كيقباد بن كيخسرو الذى أقطعه المستنقعات الواقعة على حدود الدولة البيزنطية .


وعندما توفي أرطغول سنة 680 هـ تولي عثمان خان ابنه قيادة شعبه فاستطاع فى سنة 1228 م فتح مدينة ملانجنون والتى سماها " قره جه حصار " ، ثم توالت الفتوحات العثمانية بعد ذلك بأن استطاع أورخان ابن عثمان الاستيلاء على بروسه ثم أزميد ثم مدينة أزنيق سنة 1330م ، ولقد ارتبطت الفتوحات العثمانية فى البداية بالاتجاه نحو أوربا وذلك عندما عبر سليمان بن أورخان مضيق الدردنيل سنة 1356 م ونزل شبه جزيرة جاليوبولي مؤسسا بذلك أول موطئ للعثمانيين

بأوربا وظل هذا الاتجاه ثابتا نحو ما يزيد على قرنين من الزمان على الرغم من الخطر الذى داهم العثمانيين من قبل تيمور لنك والذى نتج عنه غزو الدولة العثمانية وهزيمة السلطان بايزيد الأول ودمار العاصمة بروسه فى موقعة أنقرة سنة 1402م مما نتج عنه تشتيت الدولة العثمانية إلى حين ، وعندما تولي السلطان محمد جلبي الحكم استطاع جمع الدولة العثمانية مرة أخري .


وعلى الرغم من توجه العثمانيون نحو غزو أوربا إلا أن الدول الأوربية الكبري فى ذلك الوقت ممثلة فى فرنسا وإنجلترا لم تستطع وقف الغزو العثماني لأوربا عام 1356م وذلك بسبب تصارع القوي الأوربية آنذاك مع بعضها ففرنسا أكبر هذه القوي كانت منهكة فى حربها مع

إنجلترا فى حرب المائة عام ( 1340 - 1433 م ) وكما ساعد العثمانيون هذا الانقسام فى القوي السياسية والعسكرية الأوربية ساعدهم أيضا انقسامهم دينيا بسبب الصراع المذهبي بين كل من الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية ، وبذلك استطاع محمد الفاتح حصار القسطنطينية عاصمة بيزنطة عام 1453 م والاستيلاء عليها وتحويل اسمها إلى استنبول وبذلك يكون قد وضع نهاية للإمبراطورية البيزنطية وحقق حلم المسلمين فى الاستيلاء على القسطنطينية .


ثم بدأ العثمانيون فى التوجه بأبصارهم منذ مطلع القرن 10 هـ / 16 م صوب القوي الإسلامية فى الشرق ولاسيما المجاورة لهم ممثلة فى دولة الصفويين فى فارس والدولة المملوكية فى مصر وكان هذا التوجه سببه ما راود العثمانيون من أحلام السيادة على العالم الإسلامي ، فلما تولي السلطان سليم الأول مقاليد الحكم سنة 1513 م توجه أولا إلى حرب الصفويين الشيعة فى إيران وخاصة أنهم كانوا على مسرح الأحداث يظهرون كقوة مناوئة للعثمانيين السنة فأعد السلطان سليم الأول جيشا سنة 910 هـ / 1514م انتصر

به على الصفويين وهزم الشاه إسماعيل الصفوي ، واستطاع السلطان سليم الأول الاستيلاء على الجزيرة والموصل وديار بكر وبذلك اقترب العثمانيون من أطراف دولة المماليك فى شمال الشام والعراق


وعلى الرغم من أن العلاقات بين العثمانيين والمماليك بدأت حسنة ولاسيما أن الدولة العثمانية قد وجهت جهودها فى بداية توسعاتها نحو الغرب وأوروبا الأمر الذى قوبل بالارتياح الكبير من جانب المماليك والقوي الإسلامية فى الشرق الأدني وخاصة أن السلطان

بايزيد الثاني وقع سنة 1491م اتفاقية سلام مع السلطان قايتباي ، إلا أن السلطان سليم الأول سرعان ما لبث أن شرع فى تنفيذ خطته التوسعية فى الشرق وخاصة بعد انتصاره على الصفويين

فبدأ يعد جيشه للقضاء على المماليك فى مصر والشام واستطاع السلطان سليم الأول الانتصار على جيوش المملوكية فى معركة مرج دابق بالشام فى سنة 1516م وقتل السلطان الغوري واستولي سليم الأول على حلب وخضعت له الشام ثم بدأ سليم الأول فى الزحف على مصر ، حيث استطاع أن يستولي على مصر سنة 1517م وشنق طومان باي على باب زويلة وبذلك انتهت سلطنة المماليك نهائيا بمصر والشام وعين خاير بك واليا على مصر من قبل السلطان سليم الأول .


كانت النتيجة المباشرة لسقوط دولة المماليك أن تحولت مصر من دولة كبري امتد نفوذها من جبال طوروس شمالا إلى غربي أسوان جنوبا ومن حدود برقة غربا إلى الفرات شرقا ويخضع لسيادتها أقاليم برقة والحجاز واليمن والنوبة وقبرص إلى مجرد ولاية عثمانية لا تختلف عن غيرها من الولايات العثمانية ففقدت بذلك مصر شخصيتها المستقلة التى كانت تميزها على مر العصور ، حيث كانت لمصر زمن الدولة المملوكية مركز الصدارة فى العالم الإسلامي وكان للسلاطين المماليك الزعامة لتوليهم خدمة الحرمين الشريفين وكون القاهرة

مقرا لخلفية المسلمين ، كما أدى سقوط دولة المماليك أن انتقلت زعامة العالم الدينية والسياسية إلى الدولة العثمانية فأصبح الخطباء يدعون للسلطان سليم الأول باعتباره ملك البرين وخاقان البحرين وقاهر الجيشين - الصفوي والمملوكي - وخادم الحرمين ، كما أدي سقوط المماليك أيضا إلى تمكن العثمانيون من السيطرة على الحجاز وبسط سيادتهم على سائر شبه الجزيرة العربية واليمن وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ليستقر بها الحكم العثماني قرونا طويلة متوالية .

بعد استيلاء العثمانيون على مصر بدأ السلطان سليم الأول فى وضع نظام جديد للحكم وهو النظام الذى ظلت مصر تحكم به نحو ثلاثة قرون متعاقبة من سنة 1517 م إلى سنة 1798م وهذا الحكم تلخص فى وجود سلطتين تتنازعان الحكم وتراقب كلا منهما الأخرى الأولي سلطة نائب السلطان أو الوالي العثماني وهو نائب السلطان فى حكم البلاد ويلقب بالباشا ومقره القلعة وكانت مدة ولايته سنة تنتهي بنهايتها ما لم يصدر فرمان بتجديدها سنة أخرى ، السلطة الثانية وهي سلطة رؤساء الجند وهم قواد الفرق التي تركها سليم الأول بمصر بعد مغادرته لها وكانت تتألف من نحو اثني عشر ألفا منتظمين فى ست فرق تسمي كل فرقة " وجاق " أشهرهم وجاق الإنكشارية والعزب وكان مقرهم بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة ، كما تم وضع نواة لسلطة ثالثة وهى سلطة البكوات المماليك والذين تم تعيينهم فى بأقاليم مصر - كانت فى ذلك الوقت يطلق عليها مديريات - .

إلا أن النظام الذى وضعه السلطان سليم الأول لم يستمر هكذا طويلا فبدأ التنازع والحروب وانتهز المماليك هذه الفرصة وعملوا على الانفراد بالحكومة وبمرور الوقت انتهي هذا الصراع إلى تغلب سلطة المماليك البكوات فى النصف من القرن السابع عشر وساعدهم فى ذلك ما صارت إليه السلطنة العثمانية من الضعف فى أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر بسبب حروبها المتواصلة واختلال الشئون الداخلية وفساد الحكم فيها كما زاد من نفوذ البكوات المماليك كثرة تغيير الولاة العثمانيين وعزلهم فضعف شأنهم وتراجع نفوذهم فى حين أن المماليك احتفظوا بعصبيتهم بشرائهم العديد من الجند والاتباع واستمالوا أفراد الحامية العسكرية أو الوجاقات الذين استوطنوا مصر استقروا بها ، وهكذا أصبحت مصر تحت وطأة الحكم العثماني مسرحا للفتن بين السلطات الثلاث التى تنازعت الحكم فيها وزال عنها استقلالها فحال ذلك دون قيام حكومة ثابتة مستقرة .

السلالة الدرفيدية




الملوحا هو اسم كتب باللغة المسمارية 2350 قبل الميلاد
فى منطقة مزدهرة وهى منطقة دلمون وهى جزر البحرين حاليا
ومنطقة ميجان وهى سلطنة عمان وقبائل الملوحة كانت متصلة مع الدرفيديون وهم السلالة الدرفيدية
العنصر الدرفيدي ينتشر في الهند وسريلانكا وبنغلاديش وسلطنة عمان وجنوب باكستان.

التاريخ
يرى العلماء أن العنصر الدرفيدي نتج عن امتزاج واختلاط قديم بين العنصر الأبيض (الأوسطي الذي كان يوجد في العراق) مع عنصر الفيديد (الإستراليود) فكان العنصر الناتج حنطي مسود ويزداد السواد خاصة كلما إتجهنا جنوب الهند بينما كلما إتجهنا شمالا كلما كان أقل سوادا إلى أن يصل إلى البايض التام في شمال الهند وباكستان. الدرافيديين كانت لهم علاقة قديمة بالخليج والجزيرة وبالسومريين جنوب العراق وهناك من العلماء من يقول أن أصول الدرفيد هي جنوب العراق في عصور ما قبل التاريخ ومنها انتقلوا إلى وإلى عُمان قبل 8000 سنة. وبعضهم يضع اللغة السومرية ضمن اللغات الدرفيدية, والعلاقة التجارية بين الدرفيد الهنود والعرب بقيت الى فترة متأخرة
ومن القدم هاجر الكثير من الدرافيديين إلى الجزيرة العربية خاصة السواحل وفي دراسة لبعض الأمراض الوراثية وجدت تلك الأمراض في مناطق معينة من وسط الهند وبين بعض سكان سواحل الخليج وهذا يدل على وجود علاقة قديمة حيث استقر بعض الراحلة أو التجار الدرفيد في منطقة الخليج وذابوا في سكانها أو تزاوج بعض العرب معهم منذ القدم بحكم الصلات التجارية بينهم. في البحرين والشرقية من المملكة العربية السعودية توجد نسبة ملحوظة من الدرفيد وكذلك جنوب العراق. وبالنسبة لجنوب الجزيرة فيوجد فيها بنسب ملحوظة بمدينة مسقط وهي أكثر منطقة يتركز فيها الدرفيد ولكن تأثير الدرفيد الثقافي والمعماري والعرقي موجود في أغلب مدن سواحل الجنوب سوى في اليمن أو عمان. وكذلك التأثير اللغوي حيث أن لهجة حضر الخليج بها تأثير درفيدي وفارسي وأوردي
الصفات الجسدية
اكتسب طول القامة والبنية الجسمانية والبشرة الأقل سوداً والشعر الكثيف من العنصر الأبيض الأوسطي بمرور الزمن والرأس العريض والأنف السمين من عنصر الأرمنويد.
• البشرة: سوداء أو حنطية متفاوتة السمار
• الرأس: دائري الرأس وبيضاوي الوجه أو مستدير وكبير الرأس
• الشعر: دهني اللون وناعم أملس.
• الجسم: نحيل البنية وقصير أو متوسط القامة.
• الأنف: معكوف أو سمين أو مستقيم الأنف (منحني عند نهايته أو مرتفع عند نهايته).
• الفم: صغير الفم والفك السفلي.
• الأذن: كبيرة واسعة، وهي أهم العلامات المميزة بهذه العنصر.
وكانت العلاقة علاقة تجارة ويوجد ترجيح كبير انهم قبائل امتدت من مصر حتى القرن الافريقى فى شرق البلاد

إبن آوى منذ عصور ماقبل الأسرات و حتى نهاية عصر الدولة القديمة



(إبن آوى منذ عصور ماقبل الأسرات و حتى نهاية عصر الدولة القديمة )

........................  يعتبر إبن آوى من الكلبيات البرية التى تسكن  الصحراء القريبة من الوادى ، وقد إشتهر بمهاجمة الجبانات لأكل الجيف و من  هنا إرتبط بعدد من الآلهة الموتى و عالم الغرب  . و قد أدى وجود هذا  الحيوان فى المنطقة التى على الحافة بين الصحراء و الوادى ، بين العالمين  البرى و المنظم ، عالم الموتى و عالم الأحياء ، إلى إقترانه بفكرة الإنتقال  من عالم إلى عالم منذ عصور ماقبل الأسرات . و يرى البعض أن المصرى القديم  قدس ذلك الكائن درءا لخطره المتمثل فى الهجوم على الدفنات و أكل الجيف إلا  أن ذلك لم يكن هو الدافع الوحيد لتقديس إبن آوى ، فقد لاحظ المصرى القديم  منذ عصور الترحال بقدرة إبن آوى الفائقة على العدو بسرعة مذهلة فى دروب و  طرق الصحراء فلا يتيه فيها أبدا و لذلك ظن المصرى القديم أن الصحراء  بدروبها و ممراتها هى مملكة إبن آوى ( الخبير و العارف بكل أسرارها ) ، كما  إشتهر بمقدرته على الصيد داخل الصحراء حيث إعتمدت عليه جماعات الترحال فى  العصر الحجرى الحديث فى غذائها فكان يحضر لهم الحيوانات البرية المستئنسة و  لذلك سيظهر فى بداية العصر العتيق على أنه المتكفل بإحضار القرابين للملك  الحاكم فى عالمى الدنيا و الآخرة ............ إن أقدم الإشارات التى تدل  على وجود تقديس لإبن آوى ظهر فى حضارة البدارى منذ بدايات العصر الحجرى  النحاسى فى مصر ( 4000 ق.م ) ، حيث عثر علماء ماقبل التاريخ على عدد من  دفنات إبن آوى المكفنة تماما كدفنات الآدميين هى و مجموعة أخرى من  الحيوانات ، الأمر الذى يدل على إحتمالية وجود شعائر و طقوس وجهت لذلك  الحيوان فى البدارى . و منذ بداية عصور ماقبل الأسرات ظهرت رسوم تخطيطية  بسيطة تمثل حيوانات إبن آوى على فخار حضارة نقادة الأولى ( من 3900 ق.م و  حتى 3600 ق.م ) المعروف بإسم الفخار ذى الخطوط البيضاء المتقاطعة ، و فى  عصر نقادة الثانية ( 3600  ق.م و حتى 3200 ق.م ) يبدوا أنه قد إتخذ هيئة و  سمة المعبود بشكل صريح حيث بدأت تصنع مجموعة من التمائم تصوره كمعبود و من  هنا إنتشرت تمائمه على سبيل المثال لا الحصر فى المستجدة و شرق الدلتا و  نقادة و ربما كانت تقام له شعائر بشكل منتظم فى تلك الفترة . و سرعان  مارتبط هذا المعبود بالملكية فى نهايات عصر نقادة الثالثة - الأسرة صفر (  3200 ق.م و حتى 3000 ق.م ) حيث ظهر ضمن ألوية المعبودات المنقوشة على  مقمعتى ( العقرب ) و ( نعرمر ) ممثلا لمعبود سيعرف فى بداية الأسرات بإسم (  وب واووت ) و يعنى إسمه فاتح الطرق و صوروه على هيئة إبن آوى القائم أو  الراكض و أسند له أنصاره و ظيفتين :

1 - أصبح إبن آوى الراكض و لأول  مرة مرتبطا بفتح الطرق للملوك خلال المعارك العسكرية فهو ( فاتح طرق  الصحراء ) لتحقيق النصر للملوك و من هنا أصبح ( وب واووت ) يرتبط دوره  بالملكية الدنيوية و ليس فقط الأخروية .

2 -  تمثل دوره الثانى  فى  وظيفته التى عرفوها عنه منذ عصور ماقبل الأسرات ، فهو العارف بدروب الصحراء  ( جبانة الموتى ) ، فأصبح يفتح طرق الأبدية للمتوفى ، فمن يظل فى صحبته  لايضل الطريق أبدا فى ممرات و دهاليز العالم الآخر .

و جدير  بالذكر أن كبير كهنة ( وب واووت ) فى العصر العتيق كان هو ذاته ولى العهد  المرشح لتولى حكم البلاد بعد وفاة أبيه و لذلك كان هو نفسه الشخص الذى  يتولى الإشراف على دفن الملك فى بداية الأسرات و عندما ظهرت الإرهاصات  الأولى للأسطورة الأوزيرية رسميا فى نهايات عصر الأسرة الخامسة أشارت بعض  متون الأهرام إلى أن ( وب واووت ) هو إبن الملك المتوفى ( أوزير ) الذى  يقوم بتحنيطه! ثم جاء كهنة أوزير فى عصر الدولة الوسطى و إعتبروا ( وب  واووت ) هو ( الإبن الأول ) لأبيه ( أوزير ) متجاهلين تماما المعبود ( حورس  ) !!  الأمر الذى يعنى أن كهنة ( أوزير ) إستلهموا موروثات ملكية واقعية  لنسج أسطورة ربهم . ..............................
....  و لم يكتفى أتباع ( إبن آوى ) بالهيئة الأولى التى عرفت عنه فى نهايات (  الأسرة صفر ) بل نسبوا إليه هيئة أخرى إشتهر بها فى ذات الفترة و هى هيئة  إبن آوى الرابض و أطلقوا عليه لقب ( خنتى إمنتيوا ) بمعنى ( أول الذين فى  الغرب ) و يشير إلى أنه يقف كأول كائن عند حافة الصحراء ( = الجبانة ) لكى  يستقبل المتوفى فى مملكة الغرب و يرحل به نحو العالم الآخر .

و يطمح  هذا المقال إلى الكشف عن أقوى الأدوار الدينية التى نسبت ( لإبن آوى ) فى (  عصر نقادة الثالثة - الأسرة صفر ) ، فقد ظهر فى صلايات تلك الفترة و هو  يحيط بقرص الشمس من جميع الجهات تارة ، و رافعا لقرص الشمس تارة أخرى الأمر  الذى يعنى بداية وجود صلة و علاقة دينية بين الديانة الشمسية و عقيدة (  إبن آوى ) فى تلك الفترة فى إطار الملكية الناشئة للأسرة ( صفر ) ، فقد  إعتبر من الحيوانات المدافعة عن الشمس خلال رحلتها فلا يصيبها أى ضرر عند  رحيلها نحو العالم الآخر فقد رأى المصرى القديم و قوف ذلك الحيوان عند قمم و  مرتفعات الجبال فاعتقد أنه يقوم بحماية الشمس عند غروبها مابين الجبال و  ربط بين ذلك المشهد و قدرة إبن آوى على الحركة بسرعة مذهلة داخل الممرات و  الدروب الجبلية

و لذلك إعتبروه الأفضل على الإطلاق لحماية الشمس الغاربة .

و عندما إستقرت الصيغة التقديسية لإبن آوى فى عصر نقادة الثالثة - الأسرة  صفر ، أصبح مقر عبادته الرئيسى ك ( خنتيى إمنتيوا ) فى ( كوم السلطان ) فى (  أبيدوس ) بجوار الجبانة الملكية لملوك الأسرة ( صفر ) فى ( أم الجعاب )  كما إستقرت عبادته الرئيسية ك ( وب واووت ) فى ( أسيوط ) . و من خلال حفائر  البعثة الألمانية فى أبيدوس ، عثر ( جونتر دراير ) على طبعتى ختم دونت  عليهما أسماء ملوك الأسرة الأولى بداية من ( نعرمر ) - آخر ملوك الأسرة صفر  و حتى الملك ( قاعا ) - آخر ملوك الأسرة الأولى ، و هى تعتبر أقدم قائمة  لأسماء ملكية معروفة لدينا حتى الآن و ظهر عليها إسم كل ملك و بجواره صورة  المعبود ( حورس ) رب الملكية الأول و ( خنتى إمنتيوا ) الأمر الذى يعكس  حقيقة هامة : أنالملك فى عالم الدنيا هو تجسيد ( حورس ) السماء على الأرض و  عند وفاته فهو يتقمص هيئة ( خنتى إمنتيوا ) فى العالم الآخر و لم يكن فى  تلك الفترة أى وجود رسمى مؤكد للمعبود ( أوزير )  كرب للعالم الآخر فذلك  الدور لن ينسب إليه إلا بعد إتحاده ب ( خنتى إمنتيوا ) فى نهايات الدولة  القديمة

و نظرا لأهمية ( خنتى إمنتيوا ) و إرتباطه الوثيق بالملكية  فقد ورد إسمه 25 مرة فى نصوص الأهرام فى نهايات عصر الدولة القديمة حيث  أماطت اللثام عن أدوار و وظائف دينية مختلفة له ، فقد تحدثت الفقرة رقم (   674 ) عن جلوس الملك على عرش ( خنتى إمنتيوا ) فى العالم الآخر ( كن طاهرا  أيها الملك و اجلس على رأس أولئك الذين هم أعظم منك و اجلس على عرش خنتى  إمنتيوا ) ، كما أشارت الفقرة رقم ( 556 ) إلى نهوض الملك من رقدته بفضل  توحده بإبن آوى ( قدماك هما قدما إبن آوى ، فانهض و ذراعاك هما ذراعا إبن  آوى ، فانهض ) و عندما يتوحد الملك بذراعى و قدمى إبن آوى فإنه لايموت أبدا  و يظل دائما فى حالة حركة و نشاط . و عندما إتحدت الملكية بالمذهب  الأوزيرى و بدأ الملوك يصورون أنفسهم فى شكل المعبود ( أوزير ) فى معابدهم  فى نهايات الأسرة الخامسة ، بدأ كهنته يجدون الصلات بين ربهم و ( خنتى  إمنتيوا ) فانتحل لنفسه كل سماته و ألقابه و أ دواره و من هنا ظهرت بعد  الفقؤات فى متون الأهرام التى تشير صراحة إلى إندماج ( أوزير ) ب ( خنتى  إمنتيوا ) حتى  أصبح خنتى إمنتيوا يلحق و يوصف كلقب ( لأوزير ) و من هنا  أصبح يعرف بإسم ( أوزير خنتى إمنتيوا ) بمعنى أن المعبود الذى يقف فى طليعة  مملكة الغرب هو ( أوزير ) و لذلك السبب بدأ كهنة ( خنتى إمنتيوا ) البحث  عن بديل آخر لمعبودهم بعد أن أدركوا قوة الديانة الأوزيرية و من هنا ظهر و  لأول مرة المعبود ( إنبو - أو -  أنوبيس ) فى نهايات عصر الأسرة الخامسة و  الذى لم يكن سوى صورة ( خنتى إمنتيوا ) القديمة فكان بديلا له فأعطوه نفس  شكله القديم ( ابن آوى الرابض ) و حتى لايصيبه مصير ( خنتى إمنتيوا ) نسبوا  إليه وظيفة المحنط لجسد المعبود ( أوزير ) فقام بتطهير أحشائه فى أبيدوس و  عندئذ صعد ( أوزير ) نحو السماء طبقا لما ورد فى الفقرة رقم ( 509 ) من  متون الأهرام ، و من هنا يضمن أتباع ( أنوبيس ) أن لايلقى نفس مصير ( خنتى  إمنتيوا ) بربطه بالديانة الأوزيرية .

رؤية عامة على السمات الحضارية لعصر الإنتقال الأول

رؤية عامة على السمات الحضارية لعصر الإنتقال الأول


يشير  عصر الإنتقال الأول إلى الفترة التى بدأت فيها إنهيار السلطة المركزية  الملكية ، حيث إختلف علماء المصريات فى بداية تحديدها و مداها الزمنى ،  فرأى فريق منهم أنها تبدأ بنهاية الأسرة السادسة ، و رأى فريق آخر أنها  تبدأ بنهاية الأسرة الثامنة . كما تنتهى تلك الفترة بإعادة توحيد البلاد  مرة أخرى على يد الملك منتوحتب الثانى . و يميل البحث بصفة مبدئية إلى  الأخذ بالرأى الثانى و لا سيما بعد إكتشاف شواهد أركيولوجية عديدة ترجح  وجود سلطة ملكية مركزية ( و إن إعتبرها البعض شكلية ) حتى نهايات الأسرة  الثامنة ، كما تجدر الإشارة إلى ذكر حقيقة هامة و هي : أن المؤرخ المصري  مانيتون وضع خطا بالمداد الأحمر تحت نهاية الأسرة الثامنة و بدأ بجمع سنين  حكم ملوك تلك الفترة ( منذ الأسرة الأولى و حتى نهاية الأسرة الثامنة )  الأمر الذي يعكس إمكانية و صلاحية وضع ذلك العصر بأكمله فى بوتقة واحدة و  هى بوتقة الدولة القديمة

إن التساؤلات التى تطرح نفسها علينا هي :
1 كيف نظر المصري القديم الى هذه الفترة فى العصور اللاحقة ؟
2 كيف كانت حال آثار ذلك العصر كما و كيفا ؟
3 كيف صور حكام الأقاليم أنفسهم فى ذلك العصر ؟
و للإجابة على التساؤلات السابقة ، نشير إلى الحقائق التالية :
1 لم تعكس قوائم الملوك وجود إنقطاع تاريخي فى السلطة المركزية منذ  نهاية عصر الدولة القديمة و حتى بداية عصر الدولة الوسطى ، فظهرت أسماء  الملوك واحدا تلو الآخر كما لو كانت مصر لم تمر بهذه الفترة الإنتقالية على  الإطلاق ، فالدولة الوسطى تلي مباشرة الدولة القديمة على القوائم الملكية ،  و لكن لا ينبغي تصديق ما ورد فى هذه القوائم الملكية التى ظهرت بالتحديد  خلال عصر الدولة الحديثة ، ( تورين - سقارة - أبيدوس ) بسبب أنها كانت تهدف  لتغطية الإنحلال و اللامركزية التى أصابت البلاد فى ذلك العصر ، فلم تكن  قوائم الملوك مادة لكتابة التاريخ و إنما كانت أداة لقياس الزمن و تنظيم  الترتيب الزمني لملكية مصر الأزلية و الأبدية
2 بدأ حكام الأقاليم  فى ذلك العصر فى تدوين الأحداث السياسية و الدينية لذلك الزمن ، فصوروا  أنفسهم داخل مقابرهم بوصفهم ملوكا على أقاليمهم فكانوا يؤرخون لحكمهم ، و  يعتبرون أنفسهم زعماء محليين تولوا زمام الأمور بموافقة شرعية من أرباب  أقاليمهم ، فعمل كل منهم على إصلاح الأمور السياسية و الدينية و الإقتصادية  داخل إقليمه و خرجت سيرتهم الذاتية على أفضل صورة  فصورتهم كأبطال قاموا  بإنقاذ أقاليمهم من المجاعات التى أصابت البلاد فأتت على الأخضر و اليابس
3 لا ينبغى أن نأخذ بكل ما ورد فى كتابات مقابر حكام أقاليم عصر  الإنتقال الأول على أنه صائب من الناحية العلمية التاريخية ، فلم يكن الهدف  هو كتابة التاريخ للأجيال القادمة داخل مقابرهم ، و إنما هو ذكر أعمالهم  الطيبة و أفضالهم و حسناتهم فى العالم الآخر . فضلا عن ذلك فقد ذكروا  لأنفسهم سيرة ذاتية مثالية نموذجية لا تنطبق على الواقع الإنسانى التاريخي  فضلا عن أن شواهد عصر الإنتقال الأول لا تنسجم و لا تتلائم مع معطيات  السيرة الذاتية لهم
4 يجب توخي الحذر عند دراسة نصوص و أدب عصر  الدولة الوسطى التى صورت عصر الإنتقال الأول كعصر مليء بالكوارث و الأزمات و  الفوضى ، فكان ذلك هو عمل سياسي أيدولوجي فى المقام الأول و الأخير ، يهدف  الى إظهار ملوك الدولة الوسطى كمنقذين من الكوارث و معيدين للسلام و  الأمان و الخير فى مصر ، فلم تكن لديهم خطة أخرى للوصول الى العرش و  تبريرهم لذلك الحدث سوى تصوير الملكية فى عصر الدولة الوسطى على أنها مرادف  للنظام و ذلك فى مقابل فوضوية عصر الإنتقال الأول و هى ذات الفكرة التى  إعتمد عليها الرعامسة فيما بعد فى تصوير عصر العمارنة الفوضوي ، فالملكية  لا يمكن تصورها كأداة ناجزة و كحالة مثالية إلا فى وجود عصر مظلم سبقها
5 -  إزدادت جبانات الأقاليم خلال عصر الإنتقال الأول ، فانتشرت المقابر  فى ربوع البلاد مما أكد على وجود زيادة سكانية فى مصر خلال ذلك العصر ، و  علاوة على ذلك ، فقد إزداد حجم الأثاث الجنزي فى تلك المقابر فى عدد كبير  من الأقاليم مما يكشف عن وجود ثراء نسبي فى أقاليم مصر خلال تلك الفترة ، و  هو أمر يناقض تماما ما ورد ذكره فى أدبيات الدولة الوسطى التى صورت  الإنهيار السياسي و الإقتصادي لمصر فى صورة بلاغية رمزية لا تتفق مع  المعطيات الأثرية لعصر الإنتقال الأول
6 لم يوجد إنقطاع فى آثار ذلك  العصر على الإطلاق ، فقد ظهرت قبور و مصاطب ضخمة الحجم فى جميع أقاليم مصر  ، بل و يمكن القول أن الحفائر الجديدة قد كشفت عن نتائج مذهلة تمثلت فى  وجود مصاطب و مقابر ذات رسوم و نقوش عالية الجودة و المهارة الفنية ، فقد  تم تنفيذها طبقا لأفضل و أجمل قواعد مدرسة منف الفنية الأمر الذي يعكس  إنتشار فناني منف نحو بعض الأقاليم المصرية خلال عصر الإنتقال الأول و بعد  إنهيار السلطة المركزية طلبا فى السعي وراء الرزق و لتلبية الإحتياجات  الفنية لطبقة إجتماعية جديدة
7 لم تكن كل مقابر الأقاليم فى ذلك  العصر قد نفذت رسومها و نقوشها طبقا لقواعد و مباديء مدرسة منف ، فقد منح  حكام الأقاليم فى منف الفرصة لأبناء و شعب أقاليمهم لكي يضعوا سمات الفنون  الإقليمية داخل مقابرهم و التى لم يكن من الممكن أن تظهر فى عصر الدولة  القديمة و فى ظل وجود سلطة مركزية قوية ، و لاريب أن سمات الفن الإقليمي  جاءت متواضعة إذا ما قورنت بسمات الفن الملكي لمدرسة منف
8 إستولى  حكام الأقاليم على بكرات الكتابة التى كانت محفوظة فى الأرشيف الملكي و  بدأوا يسجلون متونا دينية على جدران توابيتهم ، فكانت تلك الكتابات تضمن  لهم مصير أخروي طيب يضاهي مصير الملكية فى عصر الدولة القديمة . و عرفت هذه  النصوص بمتون التوابيت التى لم تكن سوى تطور دينى لنصوص الأهرام ، فبدأت  هذه المتون تصور الأفراد بشكل عام و حكام الأقاليم بشكل خاص فى أوضاع  سياسية و دينية جديدة تتفق وأوضاعهم الإجتماعية الجديدة كما كانت هذه  المتون تصور و تصف خريطة للعالم الآخر مصحوبة بنص مخصص لإرشاد المتوفى فى  طرق العالم الآخر ، الأمر الذي يدل على تطور الفكر الدينى فى مصر القديمة  خلال عصر الإنتقال الأول
9 لم يعد حاكم الإقليم يشير فى مقبرته إلى  فضل الملك عليه ، بل أصبح يتحدث عن سيرته الذاتية و يشير إلى شرعية حكمه  كحاكم على الإقليم بفضل إلهه المحلي الذي أعطاه الصفة القانونية لممارسة  سلطانه فى الإقليم ، فحاكم الإقليم لم يعتبر نفسه موظف لدى الملك و لا هو  ممثل للسلطة المركزية ، و إنما هو موظف مفوض من قبل إله الإقليم ذاته ، و  من هنا أصبح معبود الإقليم هو السلطان و الحاكم الحقيقي للإقليم الذي يأمر  أتباعه بالعمل فى الأقاليم من أجله ، فالأمر الجديد هنا هو أن المبادرة  السياسية أصبحت تأتي و لأول مرة من جانب الإله الذي حل محل الملك
10   ظهور قبور جماعية متعددة لصغار الموظفين بجوار مقابر حكام الأقاليم ، مما  يعكس وجود شخصية إجتماعية و سياسية جديدة و هى شخصية حاكم الإقليم الذي يعد  أصحابه و أنصاره فى العالم الآخر بمصير أخروي جيد إن هم دفنوا بجواره ،  فيتولى مسألة تموينهم بكل الخيرات و إمدادهم بجميع القرابين تماما كما كان  يفعل تجاههم خلا ل حياته ، فيجعل مصيرهم مرتبط بمصيره ، فمن يضع نفسه تحت  رحمته – كما جاء فى نصوص ذلك العصر – ينجو و يصل إلى طريق الأمان و السلامة  ، و لعلنا هنا نشير إلى أن ذلك الطرح الجديد هو ذات المفهوم الذي إرتكزت  عليه الأيدولوجية الملكية خلال عصر الدولة الوسطى
11 إهتمام حكام  الأقاليم بآلهتهم المحلية ، فقد كان ذلك هو السمة المميزة للحياة الدينية  فى ذلك العصر ، فقد كان الإله ( أوزير ) على سبيل المثال محط أنظار  الأقاليم التى دخلت فى صراع عسكري مسلح مع بعضها البعض ، فمن المعروف أنه  كان هو الإله المحلي لمدينة أبيدوس ، التى دارت حولها المعارك فى تلك  الفترة ، فقد ظهرت فكرة دينية تنادي بأن رأس المعبود أوزير دفنت فى تلك  المدينة ، كما حظيت عبادته بشعبية هائلة فى ذات العصر بفضل المجهودات التى  قام بها كهنة أوزير الذين قاموا بتمثيل أسطورة حياته و وفاته و إنتصاره على  الموت و ذلك أمام عامة الشعب فى أبيدوس و سمح أنصاره لبعض الأهالي  بالإشتراك فى تلك الإحتفالات مما ترك أثرا دينيا كبيرا فى وجدان المصريين ،  الأمر الذي يشهد عليه وجود شواهد و نصب لمقابر العامة التى دونت عليها  دعوات و توسلات للخروج من القبر بعد الوفاة لمشاهدة تلك الإحتفالات كما  كانوا ييشاهدونها خلال حياتهم

رحلة الإله أوزير للعالم الآخر


من المناظر النادرة
هذا المنظر .... يوجد بمقصورة الإمبراطور هادريان ... بمعابد فيلة ...
منظر صغير بالحائط الجنوبى من الداخل ..... نرى فيه قرص الشمس بين الجبلين ( الأفق) يعبر على جسد التمساح 
ونرى بالأعلى النجوم و بأقصى الشمال الشمس ( النهار ) و بأقصى اليمين القمر (الليل) ... و نرى أيزيس واقفة على اليسار
و اعتقد انها مودعة
-----------------------
Ahmed Faheem
------------------------
تحياتى لك يا أستاذ أحمد أما عن هذا المنظر فهو فى مقصورة هدريان فى معبد فيلة و يصور أسطورة المعبد التى ورد ذكرها فى المقاصير الأوزيرية للمعبد و يظهر هنا المعبود حورس بجسد تمساح و رأس صقر و هو يقوم بحمل جسد أبيه أوزير المكفن الى مكان سري لا ضوضاء فيه و لا ازعاج و وصوله أخيرا إلى الجزيرة النباتية السرية ( جزيرة بجا ) حتى يقوم بدفنه فى أكثر الأماكن سرية داخل ذلك المكان و الذي تم تسميته بمكان الصمت ، فهو المكان الذي يكون فيه الكلام بالهمس حتى لا يتم إزعاج المعبود الراقد فى بجا - على حد تعبير نص الأسطورة - و تظهر عند ذيل التمساح المعبودة ايزيس و هى التى تخرج من معبدها مرة كل 10 ايام لزيارة قبر زوجها السري فتقوم بصب اللبن على جسد اوزير و النبيذ داخل الجزيرة بهدف احياء الجسد الأوزيري مرة كل 10 ايام و طبقا لما ورد فى اسطورة المعبد ، فلن تنقطع عنه هذه القرابين للأبد و المنظر هنا يصور دخول المعبودة ايزيس الى حجرة الدفن ذات الطبيعة النباتية و لا ريب أن إكتمال اعضاء جسد اوزير كما هو مصور فى لمنظر يعنى عودته للحياة و يعنى دخول الفيضان لأرض مصر و هنا الفيضان ينبع من المكان الذى دفن فيه داخل جزيرة بجا ، فالمنظر كله يصور القبر الأوزيري اما عن الشكل الدائري المرسوم فوق جسد اوزير فهو قرص القمر بإعتبار أوزير رب القمر و عندما يصل القمر الى شكله الكامل فذلك يعنى مرور 14 يوم و ذلك يعنى اكتمال عدد اعضاء الجسد الأوزيري الذين وصل عددهم هنا فى اسطورة المعبد الى 14 عضو و عندما تكتمل دورة القمر و يعود اوزير للحياة فى العالم الآخر و تثبت ملكيته على عرش مصر هناك فى العالم الآخر و لذا فهو يظهر كمعبود متوج على العرش كما ان تتويج اوزير فى العالم الآخر يعنى تثبيت شرعية ابنه حورس ( حور با غرد ) الذي سيتوج على عرش مصر فى عالم الدنيا فالمنظر هنا ذو طبيعة سياسية و يؤكد على المضامين الدينية للأسطورة الأوزيرية و نلاحظ فى اعلى المنظر وجود الهلال بداية الشهر القمري = بداية اقامة الشعائر الأوزيرية فى اول ايام الشهر و القمر المكتمل فى نهاية المنظر = نهاية الشعائر الأوزيرية بعد مرور 14 يوم و اكتمال اعضاء جسد اوزير و عودة اوزير للحياة اما عدد النجوم فهى 18 تمثل 18 اسبوع بما يعنى 180 يوم التى تعادل نصف السنة بإعتبار ان الأسبوع = 10 ايام فى الحضارة المصرية و ذلك يعنى عدم انقطاع الزمن و توالى الأسابيع بما يضمن عودة اوزير للحياة الذي يعنى وصول الفيضان لمصر و ذلك هو الرأى الأول اما الرأى الثانى ان عدد النجوم هى 18 لكى تمثل هنا مرور 18 يوم من الشهر القمري و الذي ينقصه 10 او 11 يوم لكى يكتمل القمر و يكتمل جسد اوزير بإعتبار ان القمر يتكون من 28 او 29 يوم كدورة شهرية و ذلك هو شرح المنظر الذي يلخص اسطورة معبد فيلة

أهم المواضيع