الكشف عن ظاهرة تعامد الشمس على معبدى الكرنك والدير البحرى

 التفاصيل الكاملة لقصة الكشف عن ظاهرة تعامد الشمس على معبدى الكرنك والدير البحرى:-


من باب إعطاء الحق لأصحابه أكتب لحضراتكم القصة الكاملة وأسرار اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس على محور معبدى الكرنك والدير البحرى

بدأت هذه القصة فى عام 2005 عندما قام أحد الخفراء بمعبد الكرنك بإخبار الزميل القدير الأثرى والمرشد السياحى/ ربيع العمارى بأنه لاحظ أنه فى يوم ما من الثلث الأخير من شهر ديسمبر تضئ أشعة الشمس بمجرد الشروق محور معبد الكرنك وكأنها سجادة حمراء مفروشة بطول المحور من البوابة الغربية وحتى البوابة الشرقية.
جائنى الزميل ربيع العمارى وقص على هذه القصة واتفقنا على أن نراقب هذه الظاهرة فى الثلث الأخير من شهر ديسمبر من عام 2005 حيث يقوم كل منا بتصوير شروق الشمس بالكرنك لمدة عشرة أيام من 20 الى 30 ديسمبر لنرى ان كان هذا الكلام صحيحاً ام مجرد حكاية وهمية مثل الكثير من القصص الوهمية التى يحكيها خفراء المعابد للزوار من المصريين عندما يتخلوا عن دور الخفير ويلعبوا دور المرشد السياحى.

وقد كانت المفاجئة.. عندما قمنا بدراسة الصور التى التقطها كل منا على حدة ...اكتشفنا صدق الرجل، فعلاً وبالتحديد يوم 22 ديسمبر2005 تعامدت الشمس على محور المعبد بمجرد شروقها ارتفعت فى مركز البوابة الشرقية للمعبد والتى تقع على خط واحد مع البوابة الغربية حيث أضاءت تمثال الأله " آمون وزوجته الألهة موت" اللذان يحتضن أحدهما الآخر فى وضع الجلوس والمصنوعان من حجر الألباستر والمتجهان بوجههما نحو الشرق ثم دخلت الى قدس الأقداس وأضاءت القاعدة الحجرية التى كان يقف فوقها فى الأصل تمثال الإله آمون رع رب الكرنك كما أضاءت موائد القرابين المقامة على خط واحد بطول محور المعبد والمصنوعة من حجر الألباستر والتى تنتمى الى عصور فرعونية مختلفة.

ثم دار فى رأس كل منا فى نفس الوقت نفس السؤال ... هل تتكرر هذه الظاهرة كل عام فى معبد الكرنك ؟؟؟؟ وهل تحدث فى معابد أخرى فى نفس التوقيت ؟؟؟؟

وللإجابة على هذه التساؤلات اتفقنا على رصد الظاهرة عدة سنوات متتالية فى نفس التوقيت للتأكد من تكرارها كل عام قبل أن يتم الإعلان عنها رسمياً.

فى عام 2006 اتفقنا على ان يقوم الزميل ربيع العمارى يوم 22 ديسمبر بالتصوير فى معبد الكرنك وأقوم انا بالتصوير فى نفس التوقيت فى معبد الملكة حتشبسوت بالبر الغربى... وقد اكتشفنا ان الظاهرة تتكر فى الكرنك وتحدث فى نفس التوقيت فى معبد الملكة حتشبسوت حيث تضئ بمجرد الشروق قدس الأقداس الموجود بالمسطح الثالث بالمعبد، والذى كان يحوى تمثال الإله آمون رع، الذى ادعت حتشبسوت أنه هو والدها الحقيقى وليس الملك تحتمس الأول حتى تعطى نفسها شرعية الجلوس على عرش مصر.

وقد كررنا نفس العمل فى أعوام 2007 و2008 و2009 و2010 حتى نتأكد تماماً ان هذه الظاهرة تتكرر كل عام فى معبد الكرنك شرق النيل وفى معبد الملكة حتشبسوت غرب النيل ....حيث إن المعبدين يقعان على محور واحد.

وبعد أن تأكد بما لا يدع مجالاً تكرار هذه الظاهرة كل عام بدأنا نطرح على أنفسنا الأسئلة التالية :-
- هل حدوث هذه الظاهرة فى هذا التوقيت بالذات كان مقصوداً ام هو مجرد مصادفة ؟
- وإذا كان مقصوداً فلماذا هذا التوقيت بالذات ؟
- وهل هناك ارتباط بين حدوث هذه الظاهرة وبين الآلهة التى كانت تعبد فى هذه المعابد أو الأعياد التى كان يحتفل بها فى مدينة طيبة ؟
- والسؤال الأهم ... هل قام أحد من العلماء أوالباحثين من قبل برصد هذه الظاهرة ؟
فى عام 2009 إنضم إلى فريق البحث زميل فاضل هو الاثرى والمرشد السياحى/ أحمد عبد القادر ( وهو بالمناسبة ليس أخى للأسف وإنما تشابه أسماء) بعد أن أنشغل الأخ ربيع العمارى بأمور أخرى بعد ترك الأقصر والانتقال للإقامة في مدينة القاهرة.

وبدأنا سوياً عملية البحث بين ضفاف الكتب والمراجع للإجابة على التساؤلات السابقة - وقد كان معروفا عن الأخ أحمد عبد القادر – كما هو الحال بالنسبة لنا - حبه للبحث العلمى وخصوصاً مايتعلق منه بأمور الفلك والديانة المصرية القديمة- وقد نتج عن عملية البحث والدراسة التى استمرت تقريباً لمدة ثلاثة أعوام 2009-2011 مايأتى:-
- أن حدوث هذه الظاهرة فى هذا التوقيت بالذات كان مقصوداً ومخططاً له منذ البداية حيث تم توجيه محاور المعابد السابقة بحيث تتعامد الشمس عليها فى يوم 22 ديسمبر من كل عام وهو يوم التحول الشمسى الشتوى والذى يكون من حيث الطول أقصر يوم فى السنة وتكون فيه الشمس أثناء الشروق أقل ارتفاعاً من أى يوم آخر على مدار السنة. ويواكب هذا اليوم بداية فصل الإنبات عند المصريين القدماء حيث تنبت الزروع وتورق الأشجار وتتفتح الأزهار ويبدأ الفلاحون العمل الشاق فى الحقول بعد موسم الفيضان الطويل الذى كانت فيه السواعد معطلة والأقوات مهددة. وقد يتم الأحتفال ببداية فصل الأنبات فى كل المدن والمعابد المصرية وكان يتم الأحتفال فى معبد الكرنك فى نفس اليوم بعيد الأله " أوزير" أوزوريس إلاه خصوبة الأرض الذى نبت من جسده المقطع إلى أشلاء كل زروع الأرض ... وكذلك الاحتفال بأعياد الإله رع وآمون رع آلهة الشمس والتى بدونها ماكان للزروع أن تنبت وتنضج ولا الأزهار أن تتفتح ويفوح عبيرها فى ربوع وادى النيل.

ومن المعتقد ان هذه الظاهرة تحدث مرة أخرى فى الصيف يوم التحول الشمس الصيفى- وهو احد ايام شهر يوليو- ولكننا للأمانة لم نقم برصدها فى ذلك التوقيت حتى الآن وربما نقوم بذلك هذا العام 2012.

وقد علمنا من خلال البحث أن بعض العلماء الأجانب وخصوصاً الفرنسيين منهم قد لاحظوا حدوث هذه الظاهرة بمعبد الكرنك أثناء أعمال الترميم ولكنهم لم يهتموا بها أو دراستها وكذلك المرممين البولنديين الذين كانوا يقومون بترميم معبد حتشبسوت.

أما من المصريين فهناك دراسة فلكية رائعة للمعابد المصرية تعود لعام 2005 قام بها الأستاذ الدكتور مسلم شلتوت من جامعة الزقازيق بالتعاون مع المعهد الأسباني للفلك بمدريد... وهى دراسة متخصصة أفادتنا كثيراً أثناء البحث ولكنها لم تتعرض بالتفصيل لمثل هذه الظاهرة بمعبدي الكرنك وحتشبسوت.

الإعلان عن الظاهرة
كان قد الاتفاق بين الباحثين على ألا يقوم أي منا بالحديث عن الظاهرة إلى اى وسيلة من وسائل الإعلام ولا حتى مجرد الحديث مع أي أحد عن الظاهرة حتى لايقوم أحد بسرقة الموضوع ونسبته إلى نفسه- كما حدث بالفعل- إلى أن يتم الإعلان عنه بالشكل الصحيح الذى يؤدى إلى استغلال تلك الطاهرة استغلالا أمثل فى الترويج السياحى لمدينة الأقصر خصوصاً وأنها تحدث فى فترة من السنة يكون فيها التدفق السياحى ضعيف إلى الأقصر ضعيف جداً وهى فترة ماقبل أعياد الميلاد.
فى شهر سبتمبر من العام الماضي 2011 تم عقد اجتماع مع السيد المحافظ وبعض أعضاء جمعية المرشدين السياحيين بالأقصر - كنا من بينهم – . وقد طلب إلينا السيد المحافظ سيادة السفير عزت سعد ان نفكر فى إقامة أى حدث سياحي فى المدينة فى الفترة القصيرة القادمة يتم الترويج له عالمياً حتى يمكن إنقاذ الموسم السياحي 2011- 2012 ، وقد وجدنا أن الفرصة مواتية للإعلان عن الظاهرة وأنها يمكن ان تساعد فعلاً فى الجزب السياحى لو استغلت إعلامياً الاستغلال الصحيح كما حدث فى أبوسمبل. وقد طلب منا السيد المحافظ أن نلتقى بسياادته فى موعد آخر حتى نقوم بعرض الظاهرة بالصور أمام مسئوليم من وزارة السياحة والهيئة العامة لتنشيط السياحة ووزارة الأثار، وقد تم هذا اللقاء بالفعل وقد قمنا بعرض الصور وشرح الظاهرة وأسباب حدوثها وكيفية الإستفادة منها فى الترويج السياحى لمدينة الأقصر.
وقد كانت الطامة الكبرى ان موظفى وزارة الأثار لم يكونوا سعداء بهذا الكشف فمنهم من أنكره بحجة أنه لو كانت هذه الظاهرة موجودة بالفعل لكان الأجانب أولى بالكشف عنها ومنهم من رأى بأننا غير مؤهلين لمثل هذا العمل حيث أننا مرشدون سياحيون وليسوا آثاريون ونسوا أننا فى الأصل دارسين للأثار وأننى حاصل على درجة الماجستير فى الأثار وأننى أعد للحصول على درجة الدكتوراه فى علوم الآثار قريباً وفى النهاية تم الأتفاق ان يقوم الجميع بما فيهم السيد المحافظ بمشاهدة الظاهرة فى معبد الكرنك يوم 22 ديسمبر 2011 للتيقن من حدوثها ثم محاولة استغلالها سياحياً بعيداً عن الجدل العلمى.

بعد هذا اللقاء فوجئنا بانتشار الموضوع فى جميع الأوساط السياحية والأثرية بالأقصر وعلى الفيس يوك وفوجئنا بقيام بعض الأخوة من الآثاريين العاملين بالمجلس الأعلى للأثار الذين أنكروا هذا الموضوع فى الأصل بنسبته إلى أنفسهم ويتحدثون إلى وسائل الإعلام بأنهم هم الذين قاموا بهذا الكشف ولم يذكروا أسماء من قاموا به ولو حتى على استحياء وللأسف فإن أحد الأخوة المشاركين فى البحث بدأ التحدث للأعلام على أن الفضل يرجع له وحده فى هذا الاكتشاف رغم أنه كان آخر عضو انضم لمشروع البحث... ولكن هذه طبيعة البشر وعلى حسب المثل القائل " النجاح له ألف أب ولكن الفشل لقيط "

فى يوم 22 ديسمبر 2011 اصطحبنا السيد المحافظ والسيد السكرتير الأول السيد اللواء علاء الهراس والسيد السكرتير الثاني السيد اللواء أحمد عبد العزيز وبعض الإعلاميين والأستاذ منصور بريك مدير آثار الأقصر ومجموعة من أعضاء جمعية المرشدين السياحيين بالأقصر،حيث دخلنا جميعاً الى معبد الكرنك قبل شروق الشمس وقد أشرقت الشمس فى ذلك اليوم الساعة السادسة واثنين وثلاثين دقيقة وبمجرد الشروق تعامدت أشعتها على محور المعبد فإضاءة التماثيل وموائد القرابين ودخلت الى قدس الأقداس احتفالاً ببداية فصل الإنبات وأعياد الإله أوزير والإله أمون رع وقد غمرت جميع الحاضرين سعادة لا توصف حيث انه يمكن إقامة احتفال عالمى بهذه المناسبة فى العام القادم .

فى النهاية يعود الفضل فى هذا الكشف إلى كل من :-
1- خفير معبد الكرنك الذى لآ أتذكر إسمه
2- الستاذ ربيع العمارى
3- الأستاذ سعدى عبد القادر على
4- الأستاذ أحمد عبد القادر
وعلى الله التوفيق:-
----------------------------------------
الكاتب: سعدي عبد القادر على عيسى
ماجستير الآثار المصرية جامعة الإسكندرية
دراسة الدكتوراه بكلية الآداب جامعة الإسكندرية
مرشد سياحي باللغة الألمانية
أمين عام حزب الوسط بمحافظة الأقصر
-----------------------------------------------
البوم الصور:-
https://www.facebook.com/media/set/?set=oa.10150489794338254&type=1

0 comments:

إرسال تعليق

أهم المواضيع