المسلمون اهتموا بدراسة الآثار


المسلمون اهتموا بدراسة الآثار

واستطرد.. أما الدليل عن المبحث الأول وهو اهتمام العرب والمسلمين بالدراسات الأثرية فواضح حيث إن المعابد المصرية القديمة أغلبها كان قائما عند الفتح الإسلامي وحرص العرب الأقدمون علي زيارة الآثار المصرية ولدينا وصف دقيق لمقصورة كانت موجودة في منطقة أبوصير مكرسة علي ما يبدو لعبادة الإله إيمحتب الذي كان مهندسا معماريا في عصر الأسرة الثالثة ثم رقي إلي مرتبة الآلهة وكان له مقصورة في المنطقة بعدما نصبوه إلها للطب. والناس كانت تزور المقصورة للتبرك والشفاء وهذه المقصورة ظلت علي أهميتها في العصر الإسلامي وإن كان المسلمون قد أطلقوا عليها منطقة سجن يوسف وهذا ليس بالمصادفة فقد اشترك سيدنا يوسف مع إيمحتب في اهتمام واحد هو تفسير الأحلام وكان المريض يذهب إلي المقصورة وينام فيها وعندما تحدث أحلام يقوم مسئولو العلاج أو الشفاء بتفسيرها للمريض..
الجديد أن بدخول المسلمين ظلت هذه المقصورة علي حالها ووصفها محمد بن إميل التميمي وهو عالم كيميائي شهير من القرن العاشر وترك وصفا دقيقا لهذه المقصورة التي اختفت بفعل عوامل التعرية إلا أن هذا الوصف يمكن بمقتضاه إعادة تصميمها حتي علي الورق..

الشريف الإدريسي والأهرام


أما الشريف أبوجعفر محمد بن عبدالعزيز الإدريسي المتوفي عام 1251 ميلادية وهو فقيه ومحدث ورث العلم عن والده فقد قام بتأليف كتاب يعد من أهم الكتب العلمية عن تاريخ الأهرام وعنوانه أنوار علوم الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام وهو عبارة عن رسالة من 7 فصول ناقش فيها الطريق إلي الأهرام وسبب بناء الأهرام ومتي تم بناؤها والوظائف المرتبطة ببنائها والذين زاروا الأهرام وهي دراسة عظيمة جدا استخدم في مصادره لهذه الدراسة مالا يقل عن 130 كتابا 30 كتابا منها علي الأقل له علاقة مباشرة بموضوع الدراسة.. الأهرام والشريف الإدريسي، 3 كتب مكرسة لتاريخ مصر القديمة منها كتاب الجوهرة اليتيمة في تاريخ مصر القديمة. وهذا بالطبع يؤكد أن الإسلام لم يقف أبدا أمام علوم الآثار والحضارة المصرية وإلا ما بقيت هذه الآثار وما كان لفقيه محدث متبحر في علوم الفقه والحديث الشريف أن يكرس حياته لدراسة وكتابة تاريخ مصر القديمة.. وهو ما ينفي شائعة أن المسلمين ليس لهم اهتمامات وأنهم يرفضون دراسة الحضارات القديمة بصفتها وثنية..

ذو النون وقراءة الهيروغليفية

يضيف الدكتور عكاشة الدالي أن العالم الصوفي المصري المشهور ذا النون المصري وهو الذي أسس علم الأحوال والمقامات في الصوفية ولد ونشأ في معبد أخميم ومعروف عنه أنه كان يجيد الهيروغليفية المكتوبة علي الجدران بالمعابد وهو نفسه قال ذلك في بعض قصائده وله كتاب من أندر الكتب العلمية يتحدث فيه عن حل مغاليق كتابات قديمة كثيرة جدا منها المصرية الهيروغليفية ووصفها بدقة سواء الديموطيقية أو الهيراطيقية أو القبطية.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلي دراسات في لغات أخري تهم باحثين آخرين في حضارات أخري مثل كتابه لايمير (أ) و(ب) في منطقة البحر المتوسط في قبرص واليونان وهذه الكتابات مجهولة حتي الآن وغير معروف معناها بالتفصيل وربما لو اطلع أحد الباحثين المتخصصين في هذه الدراسات علي كتابه ذو النون المصري ربما توصلوا إلي حل لهذه الكتابات.. وإذا كانت هذه الأمثلة لعلماء عظماء اهتموا بالحضارة المصرية القديمة والآثار وأنهم يختلفون عن علماء الغرب في أنهم يصفون الأثر والمكان والناس المحيطين به وماهية علاقات البشر المقيمين حول الآثار بالأثر نفسه.. وهذه ثروة علمية يجب الاقتداء بها فلابد عن الاهتمام بالأثر والبشر في نفس الوقت.

0 comments:

إرسال تعليق

أهم المواضيع