المبانى الملحقة بمعبد الملك سيتى الأول بأبيدوس "


البحث هو جزء من رسالة الماجستير الخاصة بالدكتور سعدى عبد القادر وعنوانها ( القصور الملكية الملحقة بمعابد الرعامسة فى كل من طيبة وأبيدوس) والتى تمت مناقشتها بجامعة الأسكندرية عام 2006 والتى لم تنشر بعد

المبانى الملحقة بمعبد الملك سيتى الأول  بأبيدوس
  لقد قامت بعثة هيئة الآثار المصرية بقيادة الأثرى إدوارد غزولى بالكشف عن هذه المبانى ما بين عامى 1954-1955 بعد إزالة المناذل التى كانت تقع فوقها ،  وإزالة أكثر من 60000 م3 من الأتربة والرمال ([1]) .
تقع هذه المبانى جنوب الفناءين الأماميين من معبد سيتى الأول ، وقد رأى مكتشفها حينذاك أنها تمثل قصر معبد وملحقاته ، ولكن الباحث يرى غير ذلك، لعدم وجود أدنى تشابه فى التخطيط المعمارى بينها وبين قصور المعابد التقليدية فى طيبة وخصوصاً قصر معبد الملك سيتى الأول نفسه بالقرنة ([2]) . 
ولإجلاء مثل هذا الغموض سيقوم الباحث فيما يلى بتقديم وصف معمارى موجز لهذه المبانى معتمداً على تقرير الحفائر الذى نشره السيد غزولى فى
Annales Du Service Des Atiquites de L, Egypte, Tome 58, 1964
ثم ذكر القرائن التى اعتمد عليها المكتشف لإثبات وجهة نظره والتعليق عليها، ثم محاولة معرفة الوظيفة الحقيقية لهذه المبانى فى ضوء ماتوفر لدى الباحث من أدلة وقرائن.
تنقسم هذه المبانى- كما يرى السيد غزولى- إلى قسمين أساسيين هما:
أ - صالة الإستقبالات الرسمية                                
ب- المخـازن

أ- صالة الأستقبالات الرسمية :
 هى عبارة عن غرفة مستطيلة الشكل تبلغ أبعادها 16×13.5 م2  ، جدرانها مشيدة من الطوب اللبن المغطى بطبقة من مونة الطمى ، تزينها عناصر زخرفية ملونة و أرضيتها كانت مغطاة ببلاطات من الطمى غير المحروق ، ويوجد بها سبعة مداخل . ([3]) (شكل 33، لوحة10 )
كانت أكتاف وأعتاب هذه المداخل مبنية من الحجر ، وكان يزين كل كتف من أكتافها سطرين رأسيين من النقوش الهيروغليفية تذكر دائماً أسماء وألقاب الملك وأنه المحبوب من أحد الألهة .                           

 المدخل الرئيسى أ ( شكل 33- أ )
يقع هذا المدخل فى وسط الجدار الشمالى ، فى مقابل السمك الجنوبى للصرح الثانى([4]) . ومن الجدير بالذكر أنه لا يفتح مباشرة على فناء المعبد ، وإنما على ممر موازى للحائط الجنوبى للفنائين الأماميين ، تؤدى إليه بوابة تقع فى محازاة النهاية الجنوبية للصرح الأول.
 يبلغ عرض هذا المخل 1.76 م. ،  وعمقه 2.40م. ، كانت قوائمه من الحجر الجيرى ، تزينها نقوش بارزة وغائرة تُظهر أسماء وألقاب الملك وعلاقته ببعض الآلهة مثل "أوزوريس" "وإيزيس "و "وبواووت "([5]) .
 أما العتب السفلى له فكان يتكون من كتلة واحدة من حجر الجرانيت يوجد بها حفرة فى أحد جوانبها ربما كانت خاصة  بتثبيت الباب الذى كان يتكون من ضرفة واحدة .
 وكان يعلو هذا المدخل عتب ضخم من الحجر الجيرى الملون يزينه قرص الشمس المجنح ، أسفله نص أفقى يذكر أسماء والقاب الملك سيتى الأول ، يعلوه حلية مستديرة على شكل الخيزرانة ، ثم ينتهى بالكورنيش المصرى يزينه سعف النخيل .([6])
 ويوجد فى كل جدار من الجدران الثلاثة الأخرى مدخلان ، تؤدى كلها  إلى مجموعة المخازن المحيطة بهذه الصالة .
المدخل ب ( شكل 33 – ب )
يوجد هذا المدخل قرب النهاية الشمالية للجدار الشرقى ، وهو يؤدى إلى المخزن الأول من مجموعة المخازن الشرقية ، ويلاحظ أن هذا المخزن هو أكبر مخزن فى هذه المجموعة وتوجد به حوائط تقسمه إلى قطاعات عرضية على عكس بقية المخازن . وقد ذُكر الملك على ماتبقى من كتفى هذا المدخل على أنه المحبوب من كل من الإله أوزيرإمام الغربيين والإلهة إيزيس أم الإله، وكذلك حورس المنتقم لآبيه ، وأزوير سيد الأرض المقدسة.
المدخل (ج) ( شكل 33- ج )
يقع هذا المدخل قرب النهاية الجنوبية للجدار الشرقى ، إلى الجنوب من المدخل السابق ، وهو يؤدى إلى المخزن الثانى من المجموعة الشرقية ، ولم يتبقى من أكتافه سوى الجزء السفلى الغير منقوش  .                  


المدخل (د) ( شكل 33- د )
يقع هذا المدخل عند الطرف الشرقى للجدار الجنوبى ،  وهو يؤدي إلى ممر طويل ، تفتح عليه مجموعة المخازن الشرقية ([7]) . وقد تبقى منه كل من العتب السفلى والأجزاء السفلية من الكتفين . وقد ذُكر الملك على ماتبقى من أكتاف المدخل على أنه المحبوب من الآلهة الأتية :
بتاح سوكر أوزير، إيزيس أم الإله سيدة السماء، جحوتى المقيم فى أبيدوس، أوزير سيد أبيدوس.
المدخل هـ
يقع هذا المدخل عند الطرف الغربى للجدار الجنوبى ، وهو يؤدى مثل سابقه إلى ممر آخر موزاياً للممر السابق ويفصله عنه جدار سميك .وتذكر النقوش على ماتبقى من أكتاف المدخل الملك على أنه المحبوب من الألهة التالية:
حورس المنتفم لأبيه، وب واووت الجنوبى المقيم فى أبيدوس، شو ابن رع، وتفنوت سيدة السماء .
ويعتبر الجدار الغربى لهذه الصالة نسخة مكررة من الجدارالشرقى ، حيث أنه يحتوى على المدخلين ( و) و (ى) اللذان يؤديان إلى المخزنيين الشماليين من مجموعة المخازن الغربية . وللأسف فإن قوائم هذه المداخل وأعتابها قد تحطمت ولم يتبقى منها شئ .
 ويرى إدوارد غزولى أنه كان يعلو كل من المدخلين الجنوبيين عتب حجرى يزينه قرص الشمس المجنح  الذى يرمز للإله " حورس البحدتى " الذى يقوم على حماية أسماء وألقاب الملك ، يعلوه الكورنيش المصرى المزين بسعف النخيل الملون ، ويعلو الكورنيش شبابيك حجرية ذات تفريغات على شكل قضبان طولية ، يبلغ اجمالى ارتفاع الشباك 59 سم . ،  بينما ارتفاع  القضبان الحجرية من الداخل فيبلغ 43.5 سم. وعرضها 7 سم . ، وعمقها 18 سم. ( شكل 34  )
يتوسط الجدار الجنوبى لهذه الصالة أى بين المدخلين ( د ) و( هـ ) منصة من الحجر الجيرى تبلغ أبعادها 3.38×1.63× 0.41 م. ، يمكن الوصول إليها من الأمام عن طريق سلم ضحل مكون من درجتين . ويعتقد إدوارد غزولى أنه كان يوجد فوقها بناء شبيه بمقصورة من الحجر الجيرى تنتهى جدرانها من أعلى بحلية على شكل نصف دائرة ( كورنيش ) ، ربما كان يجلس فيها الملك أو ممثله الشخصى لاستقبال وجهاء المملكة أثناء الاحتفال بأعياد أبيدوس .([8])
ويلاحظ ان الجدار الجنوبى للصالة يتراجع فى الجزء الذى يقع خلف المنصة ، مما يشير إلى أنه ربما كان مكسواً بألواح حجرية تزينها حلية على شكل باب وهمى .([9])
وعلى بعد حوالى 2م. من المنصة على الجانبين  يوجد عمودان نصفيان ، يقابلهما فى الجدار الشمالى – على جانبى البوابة الرئيسية – عمودان نصفيان آخران .
كان يحيط بهذا الفناء من الداخل صفة يحملها عشرة أعمدة من الحجر الجيرى ، كان يبلغ ارتفاع الواحد منها حوالى خمسة أمتار ، و كان يتكون كل منها من ستة أجزاء كالتالى : قاعدة مستديرة   يبلغ ارتفاعها 0.44 م وقطرها 1.75 م. ، يعلوها بدن ذو أربع وعشرين ضلعاً ، يتكون من أربعة كتل مثبتة معاً بطريقة التعشيق ، و يعلو البدن كتلة مربعة الشكل
(طبلة - أباكوس ) تبلغ أبعادها 98× 98 ×45سم ، تزينها خراطيش الملك "سيتى الأول "، كانت ترتكز عليها العوارض الحجرية التى تحمل سقف الصفة ([10]).
ويلاحظ أن المسافات بين الأعمدة غير متساوية حيث تتسع بين العمودين الثانى والثالث فى كلا الجانبين بحيث تبلغ 3م. بينما تبلغ 1.90 م. بين باقى الأعمدة .
كانت الأضلاع التى تواجه الجهات الأصلية الأربع من كل عمود أكثر عرضاً من الأخرى ، حيث يبلغ عرضها 23.5 سم. ، بينما عرض باقى الأضلاع 11.5 سم.، وقد كان كل واحد من هذه الأضلاع مزيناً بنقش رأسى يذكر أسماء وألقاب الملك وأنه المحبوب من أحد الآلهة التالية أسمائهم :([11])
  حورس المنتقم لأبيه ، آتوم ، أنوبيس ، نوت ، إيزيس ، حورس ابن إيزيس، ماعت إبنة رع ، رع حور آختى ، خنوم ، أوزوريس إمام الغربيين ، حورس القوى ،  وبواووت ، جحوتى رئيس الآلهة ، خبرى الذى فى قاربه ، أوزوريس سيد أبيدوس ، بتاح ،  ، حورس سشمتى ، حتحور سيدة الخزانة ، آمون سيد طيبة ، خبر مجدد الحياة .
وللأسف فإن الكثير من أسماء الآلهة الأخرى التى ذكرت على هذه الأعمدة قد تحطمت ، ولذلك لم يستطع الباحث تكوين رأى واضح بشأن سبب ذكر هذه الآلهة هنا وتربيتها وارتباطها بالاتجاهات التى ذكرت فيها . وكل ما يمكن قوله أن بعض هذه الآلهة كانت لها محاريب داخل المعبد ، مثل ثالوث أبيدوس : أوزوريس وإيزيس وحورس بأشكاله المختلفة ( المنتقم لأبيه – ابن إيزيس- القوى – الشسمتى ) ، ورع حور آختى و آمون .
أما الآلهة الأخرى التى لاتوجد لها مقاصير بالمعبد فكانت تعبد على أنها ضيوف على المنطقة المقدسة حيث يلى اسمها فى الغالب لقب Hry iby Abdw   (ومعناها الذى يعبد كضيف فى أبيدوس) ، وقد ذكر على العمود التاسع ، لقب حتحور سيدة الخزانة ، وهذا ربما يشير بوضوح إلى وظيفة هذه الصالة . وربما تعتبر الآلهة المذكورة على أعمدة ومداخل هذه الصالة والمخازن ممثلة لمقاطعات مصر المختلفة التى كانت تساهم فى إمداد مخازن المعبد بالمؤن والقرابين ، أما ذكر الإلهة ماعت ، فربما يشير إلى العدالة فى توزيع هذه المؤن والقرابين على آلهة المعبد .  
ب المخـــازن
تشبه هذه المخازن فى تخطيطها إلى حد كبير مجموعات المخازن الملحقة بمعابد الرعامسة فى طيبة الغربية : مثل معبد سيتى الأول بالقرنة ومعبد الرامسيوم ومعبد مرنبتاح  ومعبد رمسيس الثالث بمدينة هابو ، ولكن ما تبقى من جدرانها اللبنية وبواباتها الحجرية وعناصرها الزخرفية يعد أفضل بكثير مما تبقى من غيرها .
 فمن مجموعات المخازن فى معبد سيتى الأول بالقرنة لم يتبقى سوى المداميك السفلية من الجدران وقليل من الأعتاب الحجرية السفلية التى لاتحمل أى نقوش ، وفى الرامسيوم كانت المخازن أوفر حظاً فقد بقيت بعض جدرانها وأقبيتها كاملة وكذلك قليل من عناصرها الحجرية وزخارفها ، اما فى مدينة هابو ومعبد مرنبتاح بالقرنة فلم يتبقى سوى المداميك السفلية من جدرانها .([12])
تتكون هذه المخازن من صفيين من الغرف الطولية الضيقة ( 10 فى كل صف ) كانت أسقفها مقبية ، يبلغ طول الواحدة منها 37,50 وعرضها 3,50 م([13]).
 تفتح بوابات ستة عشر منها على ممرين طوليين متوازيين يفصل بينهما جدار سميك ، يمكن الوصول إليهما عن طريق بوابتين فى طرفى الجدار الجنوبى للصالة السابقة .
 يبلغ طول كل واحد من هذه الممرات 39م. ، ويبلغ عرض الشرقى منهما6.60 م. والغربى 6.80 م. .
 أما الأربعة مخازن المتبقية ، فتقع على جانبى صالة الأعمدة ( وهى إثنان على كل جانب ) ويمكن الوصول إليها عن طريق أربعة مداخل فى الجدارين الشرقى والغربى لنفس الصالة  ( شكل 23    )
إن مادة البناء الرئيسية المستخدمة فى هذه المخازن هى الطوب اللبن ، فالجدران كانت مشيدة من لبنات يبلغ حجمها فى المتوسط 40×20×15 سم. ، والأرضيات كانت تتكون كذلك من بلاطات مربعة من اللبن يبلغ متوسط حجمها 44×44×16 سم . ، أما الأقبية فكانت مشيدة من لبنات مقوسة الشكل ، يبلغ حجمها فى المتوسط 60×22×7.5 سم.([14]) .
كانت الجدرات مزينة بزخارف رائعة ما تبقى منها يعطينا فكرة واضحة عن أساليب زخرفة هذه النوعية من المبانى ( شكل 34- ب  ) .
 أما البوابات التى تؤدى منها وإليها فكانت مشيدة من الحجر الجيرى الجيد ، وكانت قوائمها وأعتابها – مثل قوائم وأعتاب الصالة السابق وصفها - مزينة بنقوش رائعة تذكر أسماء وألقاب الملك سيتى الأول وتصفه بأنه المحبوب من إله معين ، وللأسف فإن معظم هذه البوابات قد وجدت محطمة ، ولكن ماتبقى منها يحمل أسماء الألهة الآتية :-
إيزيس وأوزوريس وحورس مع آلهة أخرى من أماكن مختلفة فى مصر . ومما يعد ذو أهمية خاصة وجود أسماء كل من الإله " أتوم " والآلهة " إيوسعاس " على إحدى البوابات ، وهم آلهة المقاطعة الثالثة عشر من مقاطعات مصر السفلى .
 وعلى أعمدة الصالة وجدت إلى جانب أسماء ثالوث أبيدوس أسماء آلهة بعض المقاطعات الأخرى ، مثل " تحوت " و " ونيت " آلهة المقاطعة الخامسة عشر من مقاطعات مصر العليا ، وأيضاً أسماء كل من " بتاح " و " وسوكر " آلهة المقاطعة الأولى من مقاطعات مصر السفلى .([15])
ويذكر السيد غزولى أنه من المحتمل أن هذه المخازن لم تكن مخصصة لتخزين المواد التى يحتاجها المعبد فقط ولكن كذلك كأماكن مقدسة للآلهة التى لم يرد ذكرها على مقاصير المعبد السبعة .([16])
 كانت مجموعة المبانى السابقة محاطة بسور سميك من الطوب اللبن ، يبلغ سمكه عند القاعدة حوالى خمسة أمتار، ويبلغ حجم  اللبنات المستخدمة فى بنائه 40×20×15 سم . ، كان معظمها مختوم بخاتم الملك سيتى الأول ، مما يدل على أنها ُصنعت فى مضرب الطوب الملكى.([17])
و يمكن الوصول إلى الصالة والمخازن من الخارج عن طريق بوابة من الحجر الجيرى يبلغ عرضها ثلاثة أمتار ، تقع بين النهاية الجنوبية للصرح الأول والنهاية الشمالية للسور الذى يحيط بهذه المبانى من جهة الشرق (شكل 32 )
 تؤدى هذه البوابة إلى فناء مستطيل الشكل يبلغ طوله 3,75 م. وعرضه 3,35 م. يوجد فى النهاية الشمالية لحائطه الغربى مدخل يبلغ عرضه 1,90م. يؤدى إلى ممر يمتد باتجاه الغرب بين الجدار الجنوبى للمعبد والسور  الشمالى للصالة والمخازن يبلغ عرضه 8 م.  وطوله 100 م. تفتح عليه البوابة الرئيسية التى تؤدى إلى الصالة السابقة ، وعبرها إلى المخازن .([18])
 الغرض من إنشاء هذه المبانى : 
 يرى السيد إدوارد غزولى أن هذ ه المبانى ربما تمثل قصراً أو استراحة ملكية ملحق  بها مجموعة من المخازن ، ويقارن بينها وبين صالات الاستقبالات الرسمية فى قصور معابد كل
من آى وحور محب ، ورمسيس الثانى ورمسيس الثالث بطيبة الغربية ، ويعتمد فى رأيه على
القرائن التالية :-
أولاً : أن مادة البناء الرئيسة المستخدمة فى هذا المبنى هى الطوب اللبن ، مع وجود بعض العناصر الحجرية مثل الأعتاب وقوائم الأبواب والأعمدة والمنصة  وهى نفس مواد البناء المستخدمة فى قصور المعابد الأخرى([19]) .
 ثانياً : أن هذه الصالة هى صالة استقبال رئيسية تقع جنوب الفناءين الأول والثانى للمعبد وهذا الموقع تشغله تقريباً كل قصور معابد الدولة الحديثة وخصوصاً معابد الرعامسة ([20]).
 ثالثاً : أن النموذج البسيط من قصور المعابد يتكون من صالة استقبال رئيسية تحيط بها مجموعة من الغرف المتواضعة التى كان يستخدمها الملك والمقربين من رجال بلاطه ، ويضرب مثالاً لذلك بقصر كل من آى وحور محب والقصر القديم للملك رمسيس الثالث بمدينة هابو ، وأن هذه الصالة شبيهة بصالات الاستقبال فى تلك القصور، وأن الأربع غرف التى تقع إلى الشرق والغرب منها ، على الرغم من أنها تشبه بقية المخازن فى الشكل ، إلا أنها تختلف عنها فى كون جدرانها أكثر سمكاً ، وأن بها جدران إضافية تقسمها إلى قطاعات عرضية ، وأنه لا يمكن الوصول إليها إلا من داخل الصالة ، وهذا يجعلها شبيهة بالغرف التى كانت تستخدم كغرف نوم فى القصور السابق ذكرها ، على الرغم من عدم وجود أى دليل على ذلك سوى استخدامها فى العصور المتأخرة كمساكن ([21]).
 رابعاً : أن مجرد وجود بهو استقبال فى هذا المكان يدل على أن الملك اعتاد أن يبقى أحياناً بجوار معبده وكما ذكرHölscher فإن هذه القصور كانت بسيطة وأن الملك كان يستخدمها لفترات قصيرة ([22]).
 خامساً : كان يوجد منحدر أو درج خلف المدخل الرئيسى  يؤدى إلى مدخل فى الجدار الجنوبى  للفناء الأول يقع على بعد 7.10 م. من النهاية الغربية للصرح الأول ، ربما كان هذا المدخل يؤدى إلى شرفة التجلى ، حيث اعتاد الملك أن يظهر نفسه أمام شعبه فى مناسبات معينة كما فى مدينة هابو وقصور الرعامسة الأخرى .ولم يتبقى من هذا الجدار سوى الجزء السفلى فقط ومما لاشك فيه أنه كان يوجد أسفل شرفة التجلى تصوير لرؤؤس أسرى ومناظر قتال ومعارك ([23]).
مما سبق يتضح أن السيد/ غزولى يحاول بشتى الوسائل إيجاد علاقة بين هذه المبانى وقصور معابد الرعامسة فى طيبة ، ليثبت أن هذه المبانى تمثل قصر ملكى بسيط تحيط به مجموعة من المخازن .
 هذا ولم يستطع الباحث الاقتناع بوجهة نظر السيد / غزولى فى هذا الأمر ، لذلك سيقوم بمناقشة  القرائن التى ساقها والرد عليها ، محاولاً الوصول إلى الوظيفة الحقيقة لهذه المبانى .
أولاً : بالنسبة إلى مادة البناء الأساسية وهى الطوب اللبن مع وجود بعض العناصر الحجرية فلا يمكن الاعتماد عليها كلية فى تحديد وظيفة المبنى ، حيث أنه لا يمكن القول أن كل ما ُبنى من الطوب اللبن يكون قصراً أو أن كل ما بُنى من الحجر يكون مقبرة أو معبداً .
فالمنازل والمخازن والمراكز الإدارية وكل المبانى التى تخص الحياة اليومية كانت تشيد فى الغالب من الطوب اللبن ، وليس معنى أن جدران هذه الصالة مشيدة من الطوب اللبن وأن بواباتها وأعمدتها من الحجر - مثل القصور الملحقة بالمعابد فى طيبة – أنها لا بد وأن تكون قصراً .
ثانياً : بالنسبة للموقع فإن هذه المبانى تشغل نفس الموقع الذى تشغله قصور المعابد وأن محورها يتعامد على محور المعبد، لكنها غير مرتبطة ارتباطاً مباشراً بأفنية المعبد الأمامية كما فى عصر الرعامسة ، حيث إن الجدار الجنوبى للفناء الأول للمعبد يشكل دائماً واجهة القصر ، التى تحتوى بدورها على مداخل القصر، تتوسطها نافذة أو شرفة التجلى ، وتطل هذه الشرفة مباشرة على فناء المعبد الأمامى ، وقد تجسدت هذه العلاقة الجديدة فى قصرالملك "سيتى الأول " الملحق بمعبده الجنائزى بالقرنة بطيبة الغربية ([24]).
ثالثاً : أن هذا المبنى لا يشبه النموذج البسيط من قصور المعابد الذى يتمثل فى قصر معبد  كل من " آى" و"حور- محب" والقصر القديم للملك " رمسيس الثالث " بمدينة هابو ، وأن هذا النموذج البسيط من القصور لا يتكون  فقط – كما يرى السيد / غزولى – من بهو استقبال تحيط به مجموعة من الغرف المتواضعة ، وإنما يتكون من بهو استقبال يوجد فى نهايته الشمالية درج مستقيم يؤدى مباشرة إلى نافذة التجلى التى تطل بدورهاعلى فناء المعبد الأمامى ، وعلى جانبيه توجد غرف صغيرة الحجم مربعة الشكل تقريباً ، وليست على شكل أنفاق طولية مثل المخازن ، وقد كانت صالة الاستقبالات الرسمية فى القصور المذكورة - وفى قصر معبد الملك" سيتى الأول نفسه بالقرنة - غير مرتبطة ارتباطاً مباشراً لا بالمخازن كما فى أبيدوس ولا غرف النوم ، وإنما كانت مرتبطة دائماً بقاعة العرش( غرفة المعيشة) ، حيث يؤدى مدخل يقع فى منتصف جدارها الجنوبى إلى تلك القاعة .([25]) ويوجد على جانبى هذه القاعة غرف النوم والزينة وتغيير الملابس والحمامات .


 ومن الجدير بالملاحظة أن السيد/ إدوارد غزولى لم يذكر أنه عثر أثناء الحفائر فى هذه الصالة على بلاطات خزفية ملونة تحمل مناظر أسرى مقيدين راكعين او منبطحين ، مثل تلك التى عثر عليها أثناء الحفائر فى مدينة هابو وتل اليهودية و قنطير ، والتى كانت تكسو منصات العروش الملكية ، كذلك عندما قام الباحث بفحص المنصة الحجرية الموجودة فى هذه الصالة لم يجد بها ثقوب مثل تلك الموجودة فى منصات مدينة هابو حيث كانت تثبت فيها خوابير خشبية تثبت فيها مثل  تلك البلاطات الخزفية بواسطة مسامير نحاسية.([26]) هذه المنصة
 وهى تشبه بذلك المنصة الموجودة بمخازن الرامسيوم * .

خامساً : أن سقف صالة الاستقبالات الرسمية كان على شكل أقبية برميلية تحملها صفوف من أعمدة مستديرة تترواح أعدادها بين ثلاثة وأربعة صفوف ، يتراوح عدد الأعمدة بها بين ستة وستة عشر عموداً ، تنتهى فى الغالب بتيجان نخيلية ، أما هذه الصالة فلم تكن مسقوفة بالكامل ولكن كان يوجد حولها ُصفة يحملها عشرة أعمدة ذات أربع وعشرين ضلعاً تنتهى بكتلة مربعة ( أباكوس ) يبلغ طول ضلعها 98 سم . ، يزين هذه الأعمدة أسماء وألقاب الملك ، وليس مناظر تصور الملك يضرب أعدائه كما هو الحال فى صالات الاستقبال بقصور معبد مدينة هابو.
سادساً : أنه لم يُعثر بهذا المبنى على نافذة أو شرفة تجلى ، وهى تعد من أهم العناصر المميزة لقصر المعبد ، ومن خلالها يتم التفرقة بين القصر الملكى وبيوت الأثرياء . وما يدعيه السيد/ غزولى " من أنه ربما كان يوجد منحدر أو درج يمتد من خلف البوابة الرئيسية الشرقية لهذه المبانى  ويمتد حتى المدخل الذى يقع فى الجدار الجنوبى للمعبد على بعد 7.10 م. من النهاية الغربية للصرح الأول ، ويفتح بدوره فى الفناء الأول ، وأن هذا المدخل ربما كان يؤدى إلى نافذة أو شرفة تجلى " هذا الرأى لايمكن الأخذ به وذلك للأسباب التالية :-
1-  أن المدخل المذكور متواضع جداً ولا يتوسط الجدار الجنوبى للفناء الأول للمعبد ،  كما فى حال نافذة أو شرفة التجلى ، وأن الجدار الذى يحوى هذا المدخل  لايبرز للأمام ، ولا توجد على جانبيه مداخل أخرى كما فى قصور المعابد.
2-  أن الباحث قام بفحص هذا المدخل وجزء الجدار الذى يقع أسفله ، فلم يجد به أى بقايا من مناظر مصارعة أو رؤوس أعداء أو توحيد الأرضين (سما تاوى ) ، مثل تلك الموجودة أسفل نوافذ التجلى فى كل قصور معابد الرعامسة فى طيبة الغربية ، و أن الجدار بأكمله مزين بمناظر تصور انتصار الملك رمسيس الثانى على الحيثيين فى معركة قادش ([27]).

من العرض السابق ، ومن خلال المقارنة بين هذه المبانى و المبانى الملحقة بمعابد الرعامسة الأخرى فى طيبة الغربية ، ومنها على الأخص ما يعود لعصر الملك " سيتى الأول "  نفسه يتضح الآتى :- أن هذه المبانى لا يمكن أن تكون  قصراً ملكياً ملحقاً به مخازن - حتى ولو كان هذا القصر متواضعاً - لأنها تفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات الإقامة والإعاشة  ولا تتشابه مع قصور المعابد الأخرى التى تعود إلى نفس الحقبة التاريخية .
وهنا يبرز السؤال التالى : إذا لم يكن هذه المبنى قصراً ملكياً ، فماذا عساه أن يكون ، وما هى وظيفته .
  للإجابة على هذا السؤال قام الباحث بفحص كل مبانى الطوب اللبن الملحقة بمعابد الرعامسة فى طيبة وعلى وجه الخصوص المبانى الملحقة بمعبد الملك "سيتى الأول " بالقرنة  ،  ومقارنتها بهذا المبنى ، ومن خلال هذه المقارنة أتضح للباحث : أن هذا المبنى يعتبر نسخة مكررة من مبنى آخر يشغل الركن الشمالى الغربى من السور المحيط بالمعبد الجنائزى للملك "سيتى الأول " بالقرنة .
هذا وسيقوم الباحث فيما يلى بعمل مقارنة بين هذين المبنيين للوقوف على أوجه الشبه والاختلاف بينهما :-



مبنى أبيدوس ( شكل35- أ )
____________________
1- الموقع : يقع هذا المبنى جنوب الفنائين الأماميين للمعبد يفصله عنهما ممر تفتح عليه البوابة الرئيسية للمبنى ويمتد غرباً موازياً للجدار الجنوبى للمعبد .

2- مدخل الممر المؤدى إلى هذا المبنى يقع بين نهاية الصرح الأول الجنوبية والنهاية الشمالية من السور المحيط بالمبنى وهذا يعنى أنه كان يمكن الوصول إلى هذا المبنى من الخارج دون الحاجة إلى المرور بأفنية المعبد



مبنى القرنة ( شكل35 - ب  )
___________________
1-  يقع هذا المبنى فى الركن الشمالى الغربى من السور المحيط بالمعبد ويفصله عن الجدار الشمالى للمعبد ممر تفتح عليه البوابة الرئيسية للمبنى ، ويستمر هذا الممر غرباً موازياً للسور الشمالى للمعبد
2- مدخل الممر المؤدى إلى هذا المبنى يقع بين النهاية الشمالية للصرح الثانى والسور المحيط بمجموعة المبانى الملحقة بالمعبد من الجهة الشمالية ، وللوصول إليها كان لابد من اجتياز الصرح الأول والفناء  الأمامى .

3- يمكن الدخول إلى المخازن المتصلة    بصالة الأعمدة فقط عن طريق بوابة تتوسط جدارها الشمالى ( الأمامى ).

4- صالة الأعمدة مربعة الشكل تقريباً تبلغ أبعادها 16.00×13.5 م.

5- يوجد فى جداريها الشرقى والغربى أربعة مداخل تؤدى إلى أربعة غرف جانبية مستطيلة تشبه بقية المخازن ، الغرفتان اللتان تقعان إلى الشرق من الصالة توجد بهما جدران عرضية تقسمهما إلى غرف أصغر مستطيلة الشكل . ( انظر ص )

6-كان يحيط بهذه الصالة صُفة ، تحملها عشرة أعمدةة من الحجر الجيرى ذات أربع وعشرين ضلعاً ، تزينها أسماء وألقاب الملك ، وقد تبقى الجزء السفلى فقط من أبدان هذه الأعمدة بارتفاع حوالى متر.(انظر ص )

7- يتوسط جدارها الجنوبى منصة من الحجر الجيرى ، يتم الوصول إليها عن طريق درج فى مقدمتها ، ويتراجع الجدار خلف المنصة مما يدل على أنه كان على شكل باب وهمى

3- يمكن الوصول إلى المخازن  المتصلة بصالة الأعمدة  فقط عن طريق بوابة تتوسط جدارها الجنوبى

4- صالة الأعمدة مربعة الشكل تقريباً تبلغ أبعادها 14.00× 8.50 م.


5- يوجد فى جداريها الشرقى والغربى مدخلان فقط ، وفى موضع المدخلين الآخرين فى صالة أبيدوس يوجد اثنين من الدخلات، وعلى جانبى الصالة  توجد أربعة غرف ، الأولى منهما -على الجانبين -على شكل ممر طويل يمكن الوصول إليها عن طريق مدخلى الصالة ،

6- كان يحيط بهذه الصالة صُفة تحملها  عشرة أعمدة من الحجر الجيرى - لم يتبقى منها سوى القواعد – ويعتقد أنها كانت مضلعة ،و كانت مزينة كذلك بأسماء وألقاب الملك .


7- يلاحظ وجود نفس التراجع فى  الجدار الخلفى لهذه الصالة وهذا ربما يشير إلى أنه كان يزينه باب وهمى تتقدمه منصة حجرية مثل تلك الموجودة فى أبيدوس .


8- يوجد عند طرفى جدارها الجنوبى مدخلان يؤديان إلى ممرين طوليين متوازيين يفصل بينهما جدار سميك ، يفتح على كل منهما ثمانية مخازن على شكل غرف طولية من الطوب اللبن ، يبلغ طول الواحد منها 37.5 م. وعرضها يتراوح بين 6.00 و 3.50 م. ، كانت أسقفها على شكل أقبية مبنية من لبنات خاصة تبلغ أبعادها 60×22×7.50 سم. ، وقد كانت الجدران مغطاة بطبقة من الملاط تزينها زخارف نباتية وهندسية رائعة .
كانت بوابات هذه المخازن من الحجر الجيرى الجيد ، حيث كانت أكتافها وأعتابها مزينة بأشرطة كتابية رأسية وأفقية تذكر دائماً أسماء وألقاب الملك وأنه المحبوب من أحد الآلهة . وقد بقى الكثير من هذه الأكتاف والأعتاب فى مواضعها حتى الآن
وقد كان يغلق على كل من هذه البوابات أبواب خشبية ذات ضرفة واحدة ، و يمكن رؤية الفتحات التى كانت تثبت فيها هذه الأبواب حتى الآن على الأعتاب السفلية لتلك البوابات.( انظر ص    )








8- يوجد عند طرفى جدارها الشمالى
( الخلفى ) مدخلان يؤديان إلى ممرين طوليين متوازيين ، يفصل بينهما جدار سميك يفتح على كل منهما أربعة مخازن ، كانت بوابتها من الحجر الجيرى الجيد ، وقد كان يغلق هذه البوابات أبواب خشبية ذات ضرفة واحدة حيث أنه يمكن مشاهدات الفتحات المستديرة التى كانت تثبت فيها أعقاب تلك الأبواب وكذلك أثر حركة الأبواب على الأعتاب السفلية التى مازالت باقية فى أماكنها.
البوابة الأولى على الجانبين تؤدى إلى غرفة صغيرة مربعة الشكل تقريباً ، أما بقية المداخل فتؤدى إلى مخازن على شكل غرف طولية من الطوب اللبن ، لبناتها مختومة بخاتم الملك" سيتى الأول "وكانت أسقفها على شكل أقبية مبنية من لبنات رقيقة يبلغ طولها 47 سم. وعرضها 43 سم. وقد كانت هذه  الجدران والأقبية مكسوة بطبقة من الملاط تزينها زخارف هندسية ونباتية ، أما أرضياتها فكانت عبارة عن بلاطات مربعة من اللبن








من الاستعراض السابق يتضح أن نقاط الاتفاق بين هذين المبنيين أكثر من نقاط الاختلاف بينهما  فهما يتفقان فى كل شئ تقريباً ما عدا الموقع والمساحة ، وهذا الاختلاف ربما تكون أملته ضرورات تتعلق بطبوغرافية المكان وكمية المؤن المطلوب تخزينها .
ففى أبيدوس : ربما يرجع السبب فى وجود المخازن فى هذا المكان - أى إلى الجنوب من الفنائين الأماميين للمعبد وهو المكان الذى يشغله غالباً قصر المعبد – إلى وجود الجناح الجنوبى للمعبد الذى يمتد جنوباً  متعامداً على المحور الأساسى للمعبد مما يجعل المعبد على شكل حرف  L ،
ويعتبر هذا الجناح  شيئاً فريداً فى العمارة الدينية ، حيث اعتاد المصرى القديم الحفاظ على التوازن (السمترية ) فيما ينشئه من تلك العمائر.([28])
ويحتوى الجناح السابق على ما يسمى فناء المذبح ، وهو المكان الذى كان يتم فيه ذبح وتجهيز الأضحيات  التى تقدم كقرابين فى كافة أنحاء المعبد ، وقد تطلب ذلك وجود المخازن فى موقع قريب من فناء المذبح ، وكذلك وجود ارتباط مباشر بينهما ، وقد توفر هذا الارتباط عن طريق ممر يحيط بالمخازن من جهتى الشمال والغرب يمكن من خلاله الوصول إلى المذبح وكذلك مقاصير الآلهة - فى الجهة المقابلة - دون المرور بأفنية وبوابات المعبد الأمامية .
أما المنطقة التى تقع فى الركن الشمالى الغربى من السور المحيط  بالمعبد – وهى نفس المنطقة التى تشغلها مجموعة المخازن المشار إليها فى معبد القرنة - فكانت تشغلها مقصورة من عصر الملك رمسيس الأول وربما كان يوجد بها " أوزوريون " آخر شيد من أجل نفس الملك ومبانى أخرى لها بعض الأهمية ([29])
أما بالنسبة للمنطقة التى تقع شمال الفنائين الأماميين للمعبد فلم يتم الكشف عنها حتى الآن ، لأن الجزء الأكبر منها يقع أسفل منازل القرية المجاورة . ويلاحظ أن مستوى الشارع فى تلك القرية يرتفع بدرجة كبيرة عن مستوى أرضية المعبد ، ويلاحظ كذلك وجود مدخل يقع تقريباً فى منتصف الجدار الشمالى للفناء الأول للمعبد([30]) ، ربما كان يؤدى فى الأصل إلى القصر الملكى - الذى اقتضت الضرورة تغيير مكانه من جنوب الفناء إلى شماله -  أو ربما كان يؤدى إلى مجموعات أخرى من المخازن والملحقات ، ويكون القصر الملكى بناء على ذلك قد بنى فى أى مكان أخر ، أو ربما لم يكن ملحق بهذا المعبد أى قصر ملكى حيث أن الملك لم يكن مضطراً للحضور بانتظام إلى أبيدوس والإقامة فيها كما كان يفعل فى طيبة أثناء احتفالات الإله آمون ، ولكنه ربما كان يمر بها مروراً عابراً أثناء توجهه إلى طيبة والعودة منها ، وربما كان يستخدم فى تلك الأثناء قصراً يعود إلى فترة زمنية سابقة فى موقع آخر .
 وقد ذكر رمسيس الثانى أنه زار أبيدوس أثناء عودته من طيبة بعد دفن أبيه وتوليه العرش رسمياً ، وأنه قام هناك بتتويج الكاهن " وننبف " كاهناً أكبر لآمون ، وأنه أمر بإتمام معبد أبيه وكذلك قصره ، وإعادة بناء وترميم آثار الملوك السابقين التى وجدها مهدمة .
 وقد صُور هذا المنظر فى مقبرة ذلك الكاهن فى طيبة وفيه نرى الملك وزوجته يقفون فى شرفة تجلى ([31])، وهذا يشير إلى أنه كان يوجد فى أبيدوس قصر من عصر الملك سيتى الأول ، أتمه الملك رمسيس الثانى ، وقد هذا القصر يحتوى على شرفة تجلى حقيقية لم يتم الكشف عنه بعد .
 أما الاختلاف فى عدد ومساحة المخازن ، فربما يرجع إلى كثرة الآلهة التى كانت تعبد فى معبد أبيدوس ، سواء منها من يعبد داخل المقاصير السبعة أو من ذكر على أعمدة وأبواب فناء المخازن ولم يكن له مقاصير بالمعبد .
إن عبادة هذا العدد الكبير من الآلهة كانت تتطلب تقديم كميات كبيرة ومتنوعة من القرابين مما يستدعى إنشاء عدد أكبر من المخازن لاستيعابها على عكس المعابد الجنائزية . كذلك فإن متطلبات الخدمة اليومية فى المعابد الجنائزية تعد أقل بكثير من متطلبات الخدمة اليومية فى المعابد الإلهية .
ومما تجدر الإشارة إليه أنه يوجد مجموعات أخرى من المخازن ملحقة بمعبد الملك " سيتى الأول " بالقرنة تحيط به من الشمال والغرب والجنوب وليست المجموعة المشار إليها فقط .
 أما فى أبيدوس فلم يكن من الممكن إنشاء مخازن إلا فى الجهتين الشمالية والجنوبية من المعبد وربما فى الجهة الجنوبية فقط ، أى فى نفس الموقع الذى تشغله المخازن الحالية ، ويرجع السبب فى ذلك إلى وجود( الأوزوريون ) فى الغرب ، والجناح الجنوبى للمعبد فى الجنوب ومقصورة  الملك " رمسيس الأول " و المبانى الأخرى الملحقة بها فى الشمال .([32])
من كل ما سبق يخلص الباحث إلى الآتى :-
 أن المبنى الذى يقع إلى الجنوب من الفنائين الأماميين بمعبد الملك "سيتى الأول " بأبيدوس هو عبارة عن مجموعة من المخازن يتوسطها مركز إدارى يقوم باستلام المؤن وتوزيعها على المخازن المختلفة ، حيث كان الكتبة يجلسون فى ظل الصفة يقومون بإحصاء كل شئ يخرج أو يدخل من وإلى تلك المخازن ، وعلى المنصة كان يجلس كبير المشرفين على هذه المخازن ، أو حاكم الإقليم عند زيارته للمخازن للإطمئنان على مؤن المعبد ، وربما الملك أيضاً عند زيارته للمنطقة .
 ولكنها لاتصلح بأى حال من الأحوال لأن تكون قصراً ، ويجب البحث عن قصر " سيتى الأول " فى مكان آخر .

ثانياً : المقصورة الملحقة بمعبد الملك رمسيس الثانى
لقد قام LEFEBRE , M.G. فى عام 1905 بالكشف عن واجهة معبد الملك رمسيس الثانى بأبيدوس ، وعندما قام بإزالة الرمال والأتربة من الفناء الأمامى ، عثر على مقصورة صغيرة ، تقع على يسار الداخل إلى ذلك الفناء ، أى جنوب الفناء الأمامى للمعبد ، وهو المكان الذى تشغله دائماً قصور معابد الرعامسة فى طيبة .( شكل 36)
ويبدو أن هذه المقصورة أقيمت فى عصر الملك رمسيس الثانى نفسه ، على الرغم من وجود خراطيش كل من مرنبتاح ورمسيس الثالث والرابع على بقايا الصرح الأول للمعبد الكبير .([33])
ولم يتبقى من هذه المقصورة سوى الصفة الأمامية ، وهى تشبه للوهلة الأولى صفات قصور المعابد ، و تقع على بعد 16 متراً خلف الصرح الأول ، ويبلغ طولها 15 متراً. يتقدمها صف من أربعة دعامات مربعة ، يوجد على الوجه الشمالى لكل منها آثار لتمثال أوزيرى ، يشبه الأعمدة الأوزيرية فى فناء المعبد الثانى .([34])
وينتهى جدار الصفة فى الشرق والغرب بدعامة تقع على خط واحد مع الأعمدة الأوزيرية ، ويتوسطه مدخل كان يؤدى إلى داخل المقصورة التى اختفت تماماً .
 وقد كانت الزخارف على ماتبقى من أعمدة وجدران هذه الصفة تنقسم إلى مستويين .
ففى المستوى العلوى نرى الملك دائماً فى علاقاته مع آلآلهة ، يقدم لهم القرابين المختلفة ، ويستلم منهم العلامات الدالة على الحياة والصحة والحكم المديد . ([35])
والمستوى السفلى تشغله مناظر تصور إله النيل " حابى " راكعاً ، يحمل فوق رأسه نبات البردى واللوتس التى ترمز إلى مصر العليا والسفلى بالتبادل ، ويحمل على منضدة بين يديه الطعام والشراب هدية إلى الملك رمسيس الثانى ، ربما يرمز هذا الإفريز من إله النيل مقاطعات مصر العليا والسفلى ، كما هو الحال على باقى جدران المعبد . ([36])
هذا ولم يتعرض  Lefebre , M.G.,إلى وظيفة تلك المقصورة أو الغرض من إنشائها ، حيث قام بوصفها أثرياً فقط .
ويرى الباحث أن هذه المقصورة ليس لها أى صلة بالقصر الملكى ، حيث أنه لم يرد قط أن صفات القصور الملكية كانت تحتوى على أعمدة أوزيرية ، وكذلك المناظر التى تزينها تشبه المناظر التى تزين جدران المعابد وليس القصور ، فربما كانت مخصصة لعبادة آلهة معينة

وللأسف فإن المنطقة التى تقع جنوب الفناء الأول بهذا المعبد ، تحتوي على مبانى كثيرة من الطوب اللبن من عصور مختلفة لم يتم حفرها حفراً دقيقاً حتى الآن لمعرفة ما إذا كانت تحتوى على قصر معبد أم لا


(1)                                                               Ghazouly, E., op. cit., p.112 ,fig.3

([2]) حسن محمد محى الدين السعدى ، المرجع السابق ، ص 220-226

(3)                                                  Ghazouly,E., op.cit., p.116.                      

(2)                                                              Badawy, A., op., cit., p.140,fig.94

(3)                                                             Ghazouly , E.,Ibid,p.114,figs. 2,4,5

(4)                                                                                 Ibid,pp.15-16,pl.7b

(1)                                       Stadellmann, R., in: MDAIK .33 , op. cit .,pp.128-29

(1)                                                               Ghazouly,E., op.cit., p.120,pl.5b

(2)                                                                                                Loc. cit

(1)Badawy,A.,op. cit , p.141. fig.94                                                                               

(2)    Phillips, J.,P., The columns of Egypt , Peartree Puplishing ,England .2002,p.252                                                                                                   

 (1) Ghazouly,E., op.cit.,, p.138                                                                                        (2)                                                                      Badawy , A., op. cit., p.140
 (3)                                                                                             cit.  Loc.




(1)                    Ghazouly,E., op.cit., pp.143-16o , figs.,46,47,48,49,pls.12b,18,19a

(2) Ibid, p.164                                                                                                               

(3)                                                                                              Ibid, 145
(4) Ibid., op.cit., pp.156-57                                                                                            




(1) Ghazouly,E., op.cit., pp.156-57                                                                                

(2)                                                                                          Ibid., p. 158

(3)                                                                                      Ibid , fig. 3  

(1)                                                                      Ghazouly,E., op. cit., p.158.

(2)                                            Loc.cit.                                                               

(3)                                                                                         . Ibid., p.163

(2) انظر شكل 26 ، لوحة 8

(3) انظر شكل 26

(4) من مشاهدات الباحث أثناء زياراته المتعددة للأثر

* توجد هذه المنصة  فى النهاية الغربية للفناء المستطيل الذى يتقدم مجموعة المخازن التى تقع فى الركن الشمالى الغربى من السور المحيط بمعبد الرامسيوم
(1)  Kitschen, K.A., Ramesside Inscriptions , Historical and Biographical ,Oxfoird – 1979 , Vol. ,II , pp.187-188                                                                                                  

 (1)Ghazouly,E., op.cit., p.134,pl.14a                                                                  (2)  من مشاهدات الباحث أثناء زياراته المتكررة للأثر .
(3)                      Stadelmann, R., in : MADIK. 33, 1977, op. cit., p125,pls.39b,40a
(4)                                                                Ghazouly,E., op.cit., p.164 ,fig.3

(5)                                                                                                                     Ibid,p.165

(6)  من مشاهدات الباحث أثناء زياراته المتكررة للموقع .

([31])  Kitschen , K.A., Pharaoh Triumphant  , op. cit., pp.46-47, fig. 16                                

(2)     Murnane ,W.J., The Road to Kadesh , Historical Inscriptions of the Battles of King Sety I at Karnak , The Oriantal Institute of the University of Chicago, SAOC, 42            ,Chicagi-Illinois , 1990 , p.48 .

(1) Lefebre , M.G.,Une Chapelle de Ramses II á Ábydos , in : ASAE .7 , 1907 ,p.213

(2)                                                                                  Ibid , pp. 214 - 217

(3)                                                                                                Loc. cit

(1)                                                            Lefebre , M.G.,op. cit., pp.214-217. .

0 comments:

إرسال تعليق

أهم المواضيع