قصر النبي يوسف عليه الصلاه والسلام


قصة النبي يوسف وإخوته في مصر مازالت محاطة بكثير من الغموض ودخلت فيها اجتهادات علمية وبحثية كثيرة وآخرها دراسة مسحية وأثرية شارك فيها عدد من أعضاء جمعية محبي الآثار بجامعة القاهرة التي كشفت لأول مرة عن موقع مقبرة سيدنا يوسف وشقيقه بنيامين‏,‏ والتجمع السكاني الحرفي للوافدين الإسرائيليين وكانوا تجارا وصناعا يعملون لدي المصريين‏.‏
الدكتور سعيد ثابت رئيس المجموعة البحثية والأستاذ بجامعة القاهرة يقول‏:‏ إنه تأكد من وجود مقبرة النبي يوسف وشقيقه من خلال شواهد عديدة بالقرب من حارة اليهود ومنطقة الدرب الأحمر خلف الجامع الأزهر‏,‏ والاستعانة بآثار لتاريخه التي شملها نص المجاعة المدون علي صخور سهيل بجنوب أسوان وسجل المجاعة المصور الموجود علي جانبي الطريق المغطي لهرم أوناس والمدونات الخاصة برؤيا ملك مصر‏,‏ ومدونات صوامع وخزائن يوسف عليه السلام إضافة لما ورد من نصوص وآيات بالكتب السماوية‏,‏ وكان الاسم المصري ليوسف عليه السلام هو زافيني الذي عرف به طوال إقامته في مصر‏.‏
وأشار الباحث إلي أن قصر يوسف عليه السلام كان يشغل موقع كنيسة العذراء المغيثة الأثرية ومقر دير الأمير تادرس وكان يعرف من قبل بقصر الروم ومنه تمت تسمية هذا المكان بحارة الروم أو حارة الغرباء نسبة إلي الغرباء الإسرائيليين‏,‏ وكانت هذه الأماكن والقصور تستخدم لاختباء المسيحيين المضطهدين في زمن الاضطهاد المسيحي لإيوائهم وحمايتهم من إيذاء اليهود والرومان‏,‏ وأضاف أن كثيرا من علماء الآثار دونوا هذه المعلومات عن هذه الأماكن بل إن روايات أثرية وأهلية أكدت أن بعض أحجاز قصر يوسف عليه السلام كانت مختومة باسمه زافيني واسم يوسف أيضا ومازالت في مكانها ضمن أحجار أساسات هذه الكنيسة الأثرية‏.‏
وأضاف أن مقام أو مقبرة كل من يوسف وبنيامين عليهما السلام وجدتا بالقرب من هذا الصرح اليوسفي أو بداخله‏,‏ وباستطلاع المنطقة المحيطة بموقع الكنيسة والدير توصلت المجموعة البحثية إلي موقع جامعة الدعاء‏,‏ الذي أصاب الباحثين بدهشة شديدة عندما وجدوا أن إحدي نوافذه يعلوها لافتة خضراء مكتوب عليها‏:‏ هذا مقام سيدي بنيامين شقيق يوسف عليه السلام‏,‏ وذكر إمام الجامع أنه تم التنقيب بجوار المقام فعثر باحثون سابقون علي مقام آخر ولكن ليس به جثمان قيل إنه ليوسف قبل أن يصعده موسي عليه السلام عند الخروج من مصر‏,‏ وأن تلك المعلومات كانت مدونة علي لوحة باللغة الفرعونية القديمة فوق مقام بنيامين‏,‏ وقال إمام الجامع إن هذه اللوحة اختفت منذ عام‏1994‏ بعد عملية التنقيب السابقة‏.‏
ويري الباحث الرئيس الدكتور سعيد ثابت أن مقام كل من يوسف وبنيامين كان داخل حدود القصر ولكن عند إقامة الكنيسة والدير انفصل الجزء الذي كان به المقامان عن الكنيسة‏,‏ وأقيمت بعض الأبنية حولهما ثم المسجد الذي سمي مسجد الدعاء حيث استمر المقامان بالمسجد ولم يعترض المسلمون‏,‏ لأن الإيمان بالرسل ركن إسلامي‏,‏ وأساس سماحته واحترامه لكل الأديان والأنبياء والرسل المعروفين حيث نال بنيامين الأخ الشقيق ليوسف‏,‏ احترام المصريين وتقديرهم‏,‏ وهناك وقائع مماثلة منها إنشاء مقام النبي صالح عليه السلام في مسجد بالاسم نفسه بالقرب من دير سانت‏,‏ وكذلك مقام النبي شعيب عليه السلام داخل مسجد يحمل الاسم نفسه بوادي الأردن‏.‏
وكشف البحث عن أن مقام بنيامين موجود داخل مسجد الدعاء وخلف الجامع الأزهر وبالقرب من حارة الروم حيث كنيسة العذراء المغيثة ودير الأمير تادرس‏,‏ وأن مسجد الدعاء علي مساحة صغيرة لا تزيد علي‏17‏ مترا طولا و‏12‏ مترا عرضا‏,‏ وتوجد مجموعة من المقامات علي جانبيه من الجهتين الشرقية والغربية كل مجموعة منها مكونة من‏3‏ مقامات‏,‏ ومقامة في داخل كل غرفة فيما عدا مقام بنيامين الذي يجاوره مقام آخر يرجح أنه كان ليوسف عليه السلام‏,‏ ولم يعرف من أصحاب هذه المقامات بصفة مؤكدة غير بنيامين شقيق يوسف‏,‏ والشيخ محمد شهاب الدين رضي الله عنه والخربوطلي باشا رحمه الله‏,‏
ويقع الأخير تحت قبة الجامع تحديدا في داخل باب الجامع الأمامي‏,‏ والمسجد بناه عبدالله محمد سلام القصراوي من أمراء المماليك طبقا لما هو مدون بالباب الجانبي للمسجد وتم تجديده في زمن الخديو عباس حلمي الثاني في عام‏1312‏ هجرية طبقا لما هو مدون أيضا علي الباب الجانبي للمسجد‏,‏ كما أن المسجد له‏3‏ نوافذ كبيرة ترتفع عن سطح الأرض بضعة سنتيمترات وتطل مباشرة علي الشارع الموازي للواجهة الأمامية للمسجد‏.‏
وحول مقام بنيامين وحسب البحث توجد بالحجرة المجاورة للمدخل الجانبي للمسجد حجرة صغيرة يبلغ طولها‏4‏ أمتار وعرضها متران ونصف المتر‏,‏ وتوجد بها كوة أو تجويف بطول الحائط القائم إلي يمين مدخل الغرفة ويحيط بهذه الكوة عمودان من الحجارة‏,‏ ويميز العمود الأول من المدخل اللوحة الأثرية التي نقل عنها الكلام المدون باللغة العربية الموجود فوق النافذة المواجهة للكوة والمقامة من الخارج حيث تعلو تلك اللوحة عن مستوي المقام الخشبي المغطي بكسوة خضراء طولها نحو‏75‏ سنتيمترا‏,‏ حيث تم التنقيب في عام‏1994‏ بعمق هذه الغرفة إلي يمين مقام بنيامين‏,‏ كما يوجد بالجامع مكوناته المعتادة بالمساجد وهي المحراب والمنبر وبعض الحجرات التي تستخدم كمخازن لأثاث المسجد‏.‏
والآن إذا كانت هذه الدراسة الأثرية قد كشفت عن جزء من تاريخ تلك الحقبة فإن الجزء الباقي والمتوقع هو الكشف في أحجار الكنيسة والدير عن معلومات مدونة توضح معلومات غير معروفة عن هذه الحقبة‏,‏ ولهذا فمن الضروري مراجعة دور العبادة التي بها أضرحة ومنابر لأنبياء وأولياء نظرا لأهميتها التاريخية والدينية والأثرية إضافة لقيمتها السياحية العظيمة‏.‏
المصدر : جريدة المصرى اليوم وكتابه الزميل محمد عابدين

0 comments:

إرسال تعليق

أهم المواضيع