- مدرسة وخانقاه بيبرس الجاشنكير.
مدرسة وخانقاه السلطان المظفر بيبرس الجاشنكير سنة 709 هجرية .
السلطان الملك المظفر ركن الدين بيبرس بن عبد الله المنصورى الجاشنكير، أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون البرجية، وكان جركسى الجنس وهو أوائل من ملك مصر من الجراكسة، وتأمر فى أيام أستاذه المنصور قلاوون، وبقى على ذلك إلى أن صار من أكابر الأمراء فى دولة الملك الأشرف خليل بن قلاوون ولما تسلْطن الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد قتل أخيه الأشرف خليل صار بيبرس هذا استادارا (1) إلى أن عَزَله الملك العادل زين الدين كتبغا وقبض عليه وحبسه مدة ، ثم أفرج عنه وأنعم عليه بإمرة مائة، وتقدمه ألف بالديار المصرية، واستمر على ذلك حتى قتل الملك المنصور حسام الدين لاجين ، فكان بيبرس هذا أحد من أشار بعودة الملك محمد بن قلاوون إلى الملك فلما عاد الناصر إلى ملكه صار بيبرس هذا استادارا على عادته وسلار نائبا، فأقاما على ذلك سنين إلى أن صار هو وسلار كفيلى الممالك الشريفة الناصرية، والملك الناصر محمد معهما آلة فى السلطنة إلى أن ضجر الملك الناصر منهما وخرج إلى الحج فسار إلى الكرك وخلع نفسه من الملك فعند ذلك وقع الإتفاق بين الأمراء على سلطنة بيبرس، فجلس السلطان المظفر على كرسى الملك فى يوم السبت الثالث والعشرين من شوال من سنة ثمان وسبعمائة. وهو السلطان الحاى عشر من ملوك الترك والسابع ممن مسهم الرق والأول من الجرا كسة. ودقت البشائر وحضر الخليفة أبوالربيع سليمان وفوض إليه تقليد السلطنة، وكتب له عهدا وشمله بخطه، وكان من جملة عنوان التقليد: إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم وحلف الأمراء والعساكر على طاعته وكتب بذلك إلى الأقطار.
ولما استتب الأمر إلى الملك المظفر كتب إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون تقليدا بالكرك وأرسله مع الأميرال ملك ومنشورا بما عين له من الاقطاعات فى حين أرسل قراسنقر نائب حلب ولده محمدا إلى الملك الناصر محمد بالكرك ومعه كتاب أبيه وكتاب قبجق نائب حماه وكتاب أسند من نائب طرابلس ومضمون كتاب قرا سنقر: إنه يلوم الملك الناصر عن نزوله عن الملك ولامه على وقوع ذلك دون استشارته بادىء الأمر، ثم وعد الملك الناصر برجوع ملكه إليه فى القريب وأخبره بأنه وقبجق وأسندمر لم يحلفوا على طاعتهم للملك المظفر وأنهم مقيمون على إيمانهم له.
وفى السنة الثانية لحكم السلطان المظفر بيبرس تفشى فى الناس أمراض حادة وعم الوباء الخلائق وعز سائر ما يحتاج إليه المرضى. ثم توقفت زيادة النيل إلى أن دخل شهر مسرى وارتفع سعر القمح وسائر الغلال. ومنع الأمراء البيع من شونهم إلا الأمير عز الدين أيدمر الخطيرى الاستدار، فإنه تقدم إلى مباشريه بأن لايتركوا عنده سوى مئونة سنة واحدة وباع ما عداه قليلا قليلا والخطيرى هذا هو صاحب الجامع الذى بخط (2) بولاق.
تشاءم الناس بسلطنة الملك المظفر بيبرس وخاف الناس أن يقع بالبلاد غلاء نظير ما حدث فى حكم كتبغا، حتى أن الخطيب نورالدين على بن محمد بن الحسن القسطلانى (3) خرج بالناس واستسقى ولم يوف النيل إلى تاسع عشر بابه وذلك بعد اليأس من وفاء النيل فانحط بعد الوفاء أسعار الغلال غير أن الناس تشاءمت بطلعة الملك المظفر بيبرس حتى أن العامة غنت فى هذا تقول:
سلطاننا ركين ونائبنا دقين يجينا الماء من أين .
يجيبوا لنا الأعرج يجي الماء ويدحرج (4) وقعت الوحشة بين المظفر وبين عامة مصر وأخذت دولة الملك المظفر بيبرس فى الاضطراب وذلك لكثره توهمه من الملك الناصر محمد بن قلاوون وكان هم أمرائه الترقى إلى أعلى منزلة دون النظر والحرص على صالح الرعية كما اتهموا الأمير سلار نائب السلطان بمباطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون وحذروا الملك المظفر منه ورغبوه في القبض عليه غير أن بيبرس جبن عن تنفيذ ذلك ومازالوا به حتى بعث أحد أمرائه وهو الأمير مفلطاى إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك طالبا استرجاع الخيل والمماليك التى عنده وقد أغلظ المبعوث للملك الناصر محمد فى القول، فغضب الملك الناصر من ذلك غضبا شديدا وقال له: أنا خليت ملك مصر والشام لبيبرس، ما يكفيه حتى ضاقت عينه على فرس عندى ومملوك لى ويكرر الطلب ! ارجع إليه وقل له: والله لئن لم يتركنى، وإلا دخلت بلاد التتار وأعلمهم إنى تركت ملك أبى وأخي وملكى لمملوكى، وهو يتابعنى ويطلب منى ما أخذته فجافاه مفلطاى وخشن له فى القول بحيث اشتد غضب الملك الناصر و صاح: ويلك وصلت إلى هنا! وأمر أن يجر ويرمى من سور قلعة الكرك، فثار به المماليك يسبونه ويلعنونه وأخرجوه إلى السور وتشفع له بعض الأمراء لدى الملك الناصر فعفا عنه وحبسه ثم أطلق سراحه ، عظم ذلك على الملك الناصر فكتب إلى نواب البلاد الشامية بحلب وحماه وطرابلس وصفد، ثم إلى مصر ممن يثق بهم، وذكر ما كان به من ضيق اليد وقلة الحرمة، وأنه لأجل ذلك ترك ملك مصر وقنع بالإقامة بالكرك وأن السلطان الملك المظفر فى كل وقت يرسل يطالبه بالمماليك والخيل التي عنده وطالبهم الناصر محمد بأن يردوه عنه فعاونوه فى هذا الأمر.
سار الملك الناصر من الكرك بمن معه يريد دمشق فانضم إليه أمراء دمشق وانفرط الأمر من وإلى دمشق من قبل الملك المظفر وتسلل عسكره طائفة بعد أخرى إلى الملك الناصر، فلما بلغ الملك المظفر ذلك عظم عليه الأمر خصوصا وأن عساكره بمصر خرجت على طاعته مفضلة الانضمام إلى الملك الناصر حتى أنه لم يبق لديه بالديار المصرية سوى خواصه من الأمراء والأجناد.
اضطربت أحوال المظفر وأشار عليه الأمراء بنزوله عن الملك والأشهاد عليه بذلك وأن يخرج إلى أطفيح بمن يثق به ويقيم فيها حتى يرد جواب الملك الناصر وقد عمل الملك المظفر بنصيحة أمرائه وكتب إلى الملك الناصر يسأله أن يوليه إحدى ولايات ثلاث: إما الكرك وأعمالها أو حماه وبلادها أو صهيون ومضافاتها.
أخذ المظفر معه فى رحيله من المال والخيل ما أحب وخرج في مماليكه وعدتهم سبعمائة مملوك ومعه الأمراء فأقام بأطفيح يومين ثم اتفق رأيه على المسير إلى برقة وقيل إلى أسوان. ولما بلغ مماليك الملك المظفر هذا الرأى عزموا على مفارقته فما أن وصل إلى أخميم حتى فارقه أكثر من كان معه. وبينما هو فى طريقه، قدم إليه أميران من قبل الملك الناصر يطلبان إليه التوجه إلى صهيون ليكون واليا عليها على شريطة : أن يدفع ما أخذه من الخزائن، فدفع المظفر المال بأجمعه إلى رسل الملك الناصر الذى حمل إليه وهو بقلعة الجبل.
وأثناء سير المظفر إلى ولايته الجديدة لحق به أمراء الملك الناصر في غزة وقفلوا به وبمن معه عائدين إلى مصر.
ولما مثل المظفر بين يدي السلطان الناصر عنفه بما فعله معه وذكره بما كان منه إليه وعدّد ذنوبه فلما فرغ السلطان من كلامه قال :المظفر: يا مولانا السلطان، كل ما قلت فعلته ولم يبق إلا مراحم السلطان. ثم خنق فى حضرة الملك الناصر. وكانت أيام المظفر فى سلطنة مصر عشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما كانت كلها فتنا وقلاقل.
وكان الملك المظفر (5) ملكا ثابتا كثير السكون والوقار. جميل الصفات، ندب إلي المهمات مرارا عديدة ، وتكلم في أمر الدولة مدة سنين.، وحسنت سيرته وكان يرجع إلى دين وخير معروف، تولى السلطنة على كره منه، وله أوقاف على وجوه البر والصدقة، عمّر ما هدم من الجامع الحاكمى داخل باب النصر بعد ما خربته الزلازل وكان من أعيان الأمراء في دولة المنصور قلاوون أستاذه وكذلك فى دولة الأشرف خليل والناصر محمد بن قلاوون.
خانقاه بيبرس جاشنكير (*) 709 هجرية - 1304م.
تقع الواجهة الرئيسية للخانقاه فى الضلع الغربى ويبلغ طولها(29.5) مترا. وتتكون من جزءين يبرز الثاني عن الأول بمقدار(3.12) أمتار. ويضم حنية القسم الأول المدخل الرئيسي وقد كسيت واجهته بالرخام الملون الأبيض المتبادل مع الأسود. أما القسم الثاني فهو واجهة رواق الضريح، ويضم خمسة تجاويف ضحلة رأسية مستطيلة ترتفع إلى أعلى جدار الواجهة، ثلاثة منها بالجهة الشمالية الغربية يعلو كلا منها ثلاثة صفوف من الدلايات، واثنان جانبيان، أحدهما جهة الشمال والآخر جهة الجنوب، يعلوهما ثلاثة صفوف من الدلايات، وبالتجاويف الخمسة صفان من النوافذ السفلية منها متسعة ويعلوها أعتاب ذات صنجات مزررة فوقها عقود عاتقة. أما العلوية فيسودها البساطة، وهى أعلى الشريط الكتابى بمدماك واحد، ويبدأ شريط الكتابة على بعد (2.46)م خلف الجانب البارز من المدخل، ويجتاز حنية المدخل، ثم يتجاوزها ليمضى إلى الجانب الشمالي الغربي لرواق الضريح.
وشريط الكتابة بالخط النسخى، جزء منه منقوش فى الرخام، وهو الذي يعلو حنية المدخل، والآخر منقوثس فى الحجر، وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم (فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب)(6) أمر بإنشاء هذه الخانقاه السعيد، وقفا مؤيدا على جماعة الصوفية من فيض الله تعالى ركن الدين بيبرس المنصوري عبد الله الفقير إليه الراجى رحمته يوم القدوم عليه ضاعف الله ثوابه وزكى أعماله ويسر له أسباب ما نشط إليه من المعروف بآماله بمنه وكرمه وأفضاله وصلى الله على سيدنا محمد.) ويعلو الواجهة بتمامها حلية فوقها صف من الشرفات المسننة.
يعتبر المدخل الرئيسي للخانقاه من المداخل الفريدة، إذ يتكون من عقد ذى ثلاثة فصوص بداخله حنيتان ويعلو ذلك عقد مرتفع نصف دائرى، ذو صنجات معشقة، وعلى جانبيه نافذة مستديرة بصنجات مزررة حولها بالرخام الأبيض والأسود وعلى جانبى المدخل من الجهة اليمنى واليسرى مصطبة رخامية. ويكتنف الحنية شريط به كتابة بيضاء نسخية بأحرف صغيرة رفيعة على أرضية سوداء من قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادى أنى أنا الغفور الرحيم) (7) ". ويتوسط المدخل باب مستطيل سعته (1.12)م وارتفاعه (4.21)م له عتبة سفلية من حجر الجرانيت منقوشة برسومات مصرية قديمة، ويعلو الباب عتب مكون من صنجات معشقة من الرخام الملون، يعلو العتب مباشرة نافذة مستطيلة تسمح بالإضاءة داخل الدركاه ، ويغلق على فتحة الباب مصراعان من الخشب بخلفيتيهما حشوات ما بين مستطيلة ومربعة بداخلها زخارف نباتية بارزة أما ظاهراهما فيعلوهما كسوة من البرنز، وقد نقش على المصراعين شريطان من الكتابة النسخية نصها : (أمر بإنشاء هذه الخانقاه السعيدة من فيض الله وجزيل إحسانه لجماعة الصوفية راجيا بذلك العبد الفقير ركن الدين بيبرس المنصورى عفو مولاه وغفرانه) ويفضى هذا الباب إلى دركاه.
ويتكون الدركاه من مستطيل طوله(4.20)م وعرضه (3.93)م أرضيتها مفروشة بدوائر من الرخام الملون وسقفها مغطى بقبة ضحلة ترتكز على مثلثات كروية مقعرة.
وبالدركاه أربعة أبواب، اثنان منها بالجهة الشمالية، اتساع فتحة الشرقية (1.85)م وتفضى إلى دهليز الخانقاه واتساع الغربية (1.20) م، وتفضى إلى ضريح المنشئ، والاثنان الباقيان بالجهة الجنوبية اتساع فتحة الشرقية(0.90) متر وتفضى إلى حاصل (8) واتساع فتحة الغربية (1.00) م، ويتوصل منها إلى مرقى سلم يصعد من فوقه إلى السطح. أما الباب بالجهة الشمالية الشرقية للدركاه فيؤدى إلى دهليز طويل منكسر أرضيته مفروشة بالرخام الملون، نصل منه إلى صحن الخانقاه.
يتوسط الخانقاة صحن كبير مستطيل الشكل طوله(19.18)م وعرضه (16.42) م، تعلوه أسوار بارتفاع(15.40)م أما أرضيته فمفروشة ببلاطات من الحجر الجيري. والجهة الشرقية للصحن يوجد بها إيوان القبلة الذي يتقدمه عقد عمقه(12.13)م وسعته (9.87) م، ويكتنف الإيوان كتفان من كل جانب عرض أحدهما (1.90)م والآخر(0.45) م، بينهما فتحة باب اتساعها(0.95)م تفضى إلى خلوة مساحتها(3.30 ×2.20م).
وبالجهة الغربية للصحن الإيوان الغربي الذي يبلغ عمقه(10.42)م وسعته.
(9.35م)، ويكتنف الإيوان كتفان من كل جانب، عرض الشمالى(2.00)م والجنوبى (1.80)م وكتفان ركنيان عرض كل منهما(0.40) م، وبين كل كتف جانبي وركنى فتحة باب اتساع الشمالية(1.70)م وتفضى إلى خلوة غير منتظمة الأضلاع مساحتها الكلية (28.90) م، واتساع الجنوبية(1.40)م وتفضى إلى دهليز الخانقاه.
ويتوسط الجهة الشمالية للصحن فتحة طويلة ضيقة بارتفاع طابقين تفضى إلى قاعة منخفضة مربعة يبلغ طول كل ضلع من أضلاعها(6.32) م، ويكتنف المجلس يمنة ويسرة أربعة أبواب سفلية. الاثنان الجانبيان مدخلان إضافيان للمجلس، بينما الأبواب الثلاثة الباقية من كل جانب تفضى كل منها إلى خلوة، ماعدا الباب بالجانب الشمالى فيفضى إلى مرقى سلم لممر خلف الخلوات بالطابقين العلويين.
والجهة الجنوبية للصحن بها فتحة مماثلة للفتحة الشمالية، إلا أنها حاليا ليست بحالة مرضية ويتوسط الجهة الجنوبية فتحة مستطيلة ضيقة بارتفاع طابقين، تفضي إلى قاعة مستطيلة الشكل طولها(8.15)م وعرضها(6.32)م ويكتنف مدخل القاعة أربعة أبواب يمنة ويسرة اثنان منها مدخلان إضافيان والثلاثة الباقية من كل جانب أبواب خلاوى ، اندثرت اليمنى منها وتلاشت أجزاء من اليسرى.
ويعلو الأبواب السفلية صفان من النوافذ قد استقرت كلها في تجاويف ضحلة نسبيا، وذات طوق مقرنصة مختلفة الأنواع، ويلاحظ أن الفتحتين اللتين تتوسطان كلا من الجانب الجنوبى والشمالي للصحن بالطابق الثاني، وكذلك الفتحة الوسطى بالطابق الثالث تستخدم في إضاءة القاعتين. ويعلو الفتحات حلية تحيط بالصحن والإيوانين على ارتفاع(15.40) م.
إيوان القبلة:
يتكون من مستطيل مساحته(12.13 × 9.87)م وجناحين على جانبيه حنيتان مساحة كل منهما،(8.20 ×3.07)م وبنهاية كل حنية تجويف مكشوف على هيئة ملقف هواء، الشمالية مربعة الشكل طول كل ضلع من الأضلاع(2.79)م والجنوبية مستطيلة الشكل طولها(2.79)م وعرضها(2.36) م.
وقد غطى سقف الصدر بقبو مدبب، بينما يغطى سقف كل من الحنيتين قبو نصف دائري. ويتوسط إيوان القبلة محراب حجري خلو من كل زخرف اللهم إلا بعض الحليات البسيطة وتعلوه طاقية على هيئة عقد مدبب ويكتنفها عمودان مثمنان من الرخام، لكل منهما تاج بصلى الشكل. وقد زود هذا الإيوان بدواليب حائطية في كل من الحنيتين ويتكون الإيوان الغربى من مستطيل عمقه(10.42)م وسعته(9.33)م أرضيته مفروشة ببلاطات من الحجر الجيري ويتقدمه عقد مدبب يحيط به شريط حجري مجدولا.
ويتوسط الإيوان حنية يعلوها عقد مدبب اتساع فتحته(3.45)م بأعلاها ملقف هواء ولها جلسة حجرية مفروشة بالبلاط.
ويتوسط كلا من الجهتين الشمالية والجنوبية للإيوان حنية يعلوها عقد مدبب ويحتوى على جلسة حجرية، اتساع فتحته(3.45) م.، ويغطى سقف الإيوان قبو حجري كبير مدبب. وتتكون القاعة الشمالية من مربع طول كل ضلع من أضلاعه(6.32) م، بالجهة الجنوبية الشرقية منه محراب ضيق يعلوه عقد ذو زاوية اتساع حنيته (1.10)م وعمقها (0.80) م. ويتوسط الجهة الشمالية حنية مستطيلة اتساع فتحتها(2.40)م وعمقها.
(0.50)م بنهايتها ملقف هواء سد اليوم، ويكتنف هذا الملقف دولابان حائطيان. وبالجهة الجنوبية للقاعة ثلاثة مداخل متجاورة، ويغطى سقف المجلس قبو حجري كبير مدبب.
أما القاعة الجنوبية مستطيلة الشكل يبلغ طولها(8.15)م وعرضها(6.30) م، أرضيتها مفروشة ببلاطات من الحجر الجيرى ويتوسط الجهة الشرقية محراب ضيق يعلوه عقد ذو زاوية اتساع حنيته(1.25)م وعمقها(0.80) م. يكتنفه خزانتان فى سمك الحائط. اتساع فتحة كل منهما (1.00)م وعمقها(0.25) م. والجهة الغربية أعيد بناؤها بعقدين مدببين على هيئة نافذتين اتساع فتحة كل منهما(2.80)م. والجهة الشمالية يتقدمها دعامتان تقسمان فتحة القاعة إلى ثلاثة عقود. وبالجهة الجنوبية تجويف مكشوف على هيئة ملقف اتساع فتحته(2.10)م وعمقه(1.30)م ويكتنف الملقف خزانتان سعة كل منهما(0.80)م وعمق الشرقية(0.70)م والغربية (0.30)م وقد فقدت جميع خزائن الكتب بالإيوانين والقاعتين مصاريعها الخشبية اليوم ويغطى سقف المجلس قبو حجرى مدبب.
مساكن الصوفية:
وكان عدد خلاوى الخانقاه لا يقل عن مائة مسكن كان معظمها يقع خلف الخانقاه ،بيد أن معظمها قد اندثر وخاصة تلك التي بالأدوار العليا، فقد تلاشت معظم جدرانها وسقوفها ، ولبعضها فتحات ذات طواق مقرنصة تطل على الصحن.
القبة:
هى عبارة عن مربع يتوصل إليه عن طريق باب بالجدار الشمالى للدركاه ومنه يجتاز ممر صغير منكسر بعضه مقبى بالحجر والبعض الآخر مكشوف، وبنهاية الممر فتحة باب صغيرة جهة الشمال خلفها رواق كبير يتقدم الضريح مساحته(11.45 ×4.73)م أعد خصيصا لدرس الحديث، يحضره شيخ ونحو ثلاثين طالبا من طلاب الحديث النبوى (9) وبالجهة الجنوبية الشرقية للرواق مدخل الضريح وهو عبارة عن عقد كبير مدبب اتساع فتحته(4.25)م مغطى معظمه بسياج من خشب الخرط، ويتوسطه باب يعلوه عقد ذو زاوية اتساعه(1.35) م: فوقه حشوة خشبية نقش عليها كتابة نسخية بارزة أربعة أسطر هي قوله تعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم "(إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون فارتقب انهم مرتقبون)(10) ويفضى هذا المدخل إلى الضريح وهو عبارة عن قاعة مربعة طول كل ضلع من أضلاعها (11.30)م أرضيته مفروشة بالرخام الملون. ويتوسط الجدار الشرقى للضريح محراب ضخم اتساع حنيته(2.20) م، وعمقه (1.20)م طاقيته على هيئة عقد مدبب، ويكتنفه عمودان مثمنان من الرخام الأخضر المجزع، وبدن المحراب مزخرف ببائكتين ذاتى أعمدة رخامية ملتصقة، إحداهما سفلية قرب مستوى الأرضية والأخرى أسفل طاقية المحراب، ويتوسط البائكتين منطقة من الفسيفساء الرخامية بها رسومات هندسية قوامها خطوط متشابكة ومنكسرة ويحيط بهذه المنطقة إطار به زخارف ويزخرف المحراب شريط من الرخام به كتابة نسخية من قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم(قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهما وما الله بغافل عما يعملون)(11).
ويتوسط الضلعين الشمالي والجنوبى نافذة مزخرفة جلستها بزخارف هندسية وكذلك عتبة من فسيفساء الرخام. ويكتنف النافذة خزانتان (12). ويعلو جدران القبة وزرة رخامية بارتفاع(60 ر 3) م، بالجهة الجنوبية الشرقية منها حشوتان بداخلهما زخارف هندسية وكتابات نسخية تتضمن عبارة " لا إله إلا الله " وبالجهة الشمالية الغربية حشوتان بالخط الكوفى المربع بداخلهما عبارة " محمد"، مكرر، وبكل من الجهة الشمالية والجنوبية حشوة بداخلها زخرفة هندسية ويعلو الوزرة أفريزان من الخشب بأحدهما زخارف نباتية محورة عن الطبيعة ، وبالآخر كتابات نسخية بارزة من قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شىء قدير الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذى خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهى تفور تكاد تميز من الغيظ كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شىء إن أنتم إلا فى ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (13) ،. ويتوسط القبة تركيبة رخامية بأربعة رؤوس كما يعلو أركان مربع القبة منطقة انتقال تحتوى على أربع حطات تعتبر أول نموذج للحطات الأربع لمنطقة الانتقال بالقباب المصرية فى العمائر الإسلامية. ويتخلل منطقة الانتقال نافذة مكونة من أربع فتحات، قد ملئت بزخارف جصية وزجاجية ملونة أما رقبة القبة فقد فتحت فيها ثمانى فتحات مربعة بداخلها زخارف من الجص والزجاج الملون، ويعلو الرقبة قبة مرتفعة مبنية بالطوب ذات قطاع مدبب.
المئذنة:
مبنية بالطوب، وتتكون من ثلاث دورات، الطابق الأول عبارة عن مكعب ارتفاعه.
(10.00)م وطول ضلعه الخارجي(6.31)م والداخلي(3.54)م بداخله سلم ملتف بكل واجهة من واجهات المكعب. وينتهى هذا المكعب بمنطقة انتقال من أربع حطات من الدلايات الدقيقة التكوين يحمل أعلاه مثمن، ينتهى أعلاه بشرفة خشبية بدرابزين خشب أما الطابق الثانى فمستدير قد فتح فى بدنه باب مستطيل للمؤذن، وبه فتحات ضيقة، وينتهى بكورنيش جميل إذ فقد درابزينه. والطابق الثالث عبارة عن جوسق بثمانية أعمدة غليظة وقصيرة فوقها ترس رفيع بمقرنص دقيق من صف واحد ويتوج المئذنة قبة مضلعة، ويرجع أهمية هذه المبخرة إلى وجود أقدم تغطية للقيشانى فى قمم المنائر بمصر، تلتها قمة جامع الناصر محمد بالقلعة، وهذه البلاطات الباقية عددها ست.
-----
(1) الاستادار والاستادرية: لفظ فارسى معناه وكيل الخرج أو المؤنة ، ومعناه الاصطلاحى فى دولتى المماليك وظيفة من وظائف أمر باب السيوف ، وموضوعها التحدث فى أمر بيوت السلطان كلها من المطابخ والشراب خاناه والحاشية والغلمان وإليه أمر الجاشنكيريه ، ولها حديث مطلق وتصرف تام فى استدعاء ما يحتاجه كل من فى بيت السلطان من النفقات الكساوى وما يجرى مجرى ذلك للمماليك وغيرهم (القلقشندى: صبح الأعشى: ج 4 ص 20) .
(2) النجوم الزاهرة: ص 243 والحاشيه رقم (2) ص 223 من الجزء (8).
(3) النجوم الزاهرة: ص 243 والسلوك للمقريزى.
(4) ورد فى ابن اياس: ج 1 ص 150 بعد هذا الكلام (وكان الأمير سلار نائب السلطان بيبرس أجرد فى حنكه بعض شعرات لأنه كان من التتار فسماه العوام دقين، وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون به بعض عرج فسموه العوام الأعرج. و كان السلطان بيبرس الجاشنكير لقبه ركن الدين فسماه العوام ركين).
(5) النجوم الزاهرة: ج 8 ص 276.
(*) المقريزى: الخطط ج2 ص 418، أبو المحاسن : النجوم الزاهرة : ج 8 ص276.
(6) سورة النور آية 36 -38 .
(7) سورة الحجر الآيات من 46 - 49 .
(8) كان موضع هذا الحاصل ممرا يفضي إلى رباط بيبرس الجاشنكير.
(9) وثيقة بيبرس الجاشنكير محكمة رقم "23" مخطوطة دولت عبد الكريم : الخانقاوات.
(10) سورة الدخان الآيات من 51 - 59 .
(11) سورة البقرة آية 144.
(12) تحولت الخزانة بالركن الجنوب الشرقى إلى شباك للتهوية.
(13) سورة الملك الآيات 1- 14